الموسوعة الحديثية


- قَالَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ: انْتَظَرْنَا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، حتَّى كانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا، فَقَالَ: ألَا إنَّ النَّاسَ قدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وإنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا في صَلَاةٍ ما انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ - قَالَ الحَسَنُ - وإنَّ القَوْمَ لا يَزَالُونَ بخَيْرٍ ما انْتَظَرُوا الخَيْرَ قَالَ قُرَّةُ: هو مِن حَديثِ أنَسٍ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 600 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أشدَّ الناسِ تَعظيمًا واحترامًا وتَوقيرًا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن مظاهِرِ ذلك ما جاءَ في هذا الحديث، وهذا المتنُ جُزءٌ منْ حَديثٍ فيهِ واقعةٌ وهيَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تأخَّرَ عنْ صَلاةِ العِشاءِ ولم يخرُجْ للناسِ عامدًا، فانتظرَهُ الناسُ إلى قريبٍ مِن نصفِ اللَّيلِ، وفيه أنَّ الحسَنَ البَصريَّ أحدَ أئمَّةِ التابعينَ تأخَّر عن أصحابِه، وهم تلامذتُه وطُلَّابُ العِلمِ؛ فلمْ يأتِهم حتى اقْتَربوا من المَوعِدِ الذي يَنْتهون فيه ووقتِ قيامِ الحَسنِ وانصِرافِه على عادتِهم معه لأخْذِ العِلمِ عنه، أو حتى حانَ وقتُ قيامِ الحسَنِ مِنَ النَّومِ لِلتَّهجُّدِ، فآتاهم قَبْل انصرافِهم، فقال الحسنُ مُعتَذِرًا لهم ومبيِّنًا سببَ تأخُّرِه: دعانا جيرانُنا هؤلاء فأجَبْنا دعوتَهم وتأخَّرْنا عندَهم، ثم أخبَرَ عن أَنسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصحابةَ انتظَروا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ لَيلةٍ لصلاةِ العِشاءِ حتى اقْتَرب نِصْفُ اللَّيلِ دُونَ أنْ يأتيَهم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فصلَّى بهم في هذا الوقتِ، وهو على غيرِ عادتِهم لتلك الصَّلاةِ، ثمَّ خطَبَهم وأعلَمَهم أنَّ الناسَ غيرَهم قدِ انتهَوْا مِن صَلاتِهمْ وناموا، وهم ما زالوا مُنتظِرينَ أَداءَها، وأخبَرَهم أيضًا أنَّهم طِيلةَ فترةِ انتِظارِهم للصَّلاةِ في المَسْجِدِ كأنَّهم في حالةِ صلاةٍ، ولهم أجْرٌ مِثلُ أجْرِ أداءِ الصلاةِ، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ على عِبادِه المؤمِنينَ، حيثُ لم يُضيِّعْ وقتَ انتِظارِهمْ، ويَدخُلُ في هذا الحُكمِ: البقاءُ في المسجِدِ، وانتظارُ الفرائِضِ به لا يَقطعُه منها إلَّا الحاجةُ.قال الحَسنُ بعدَ ذِكْرِه للحديثِ: «وإنَّ القومَ لا يَزالونَ بخَيرٍ ما انتظروا الخَيْرَ»، أي: إنَّه عمَّمَ الحُكمَ في انتظارِ كلِّ الخيراتِ، وهذا مِن بابِ تأْنِيسِ أصْحابِه حيثُ انتظَرُوه لطَلبِ العِلمِ؛ فهُم كذلك في خيرٍ مِثل مَنِ انتَظَر الصَّلاةَ.وفي الحَديثِ: فضلُ انتظارِ الصَّلاةِ في المسجدِ.وفيه: مَشروعيَّةُ تأخيرِ صَلاةِ العِشاءِ.