الموسوعة الحديثية


- قُلْتُ لأبي مَحذورةَ : إنِّي أُريدُ أنْ أخرُجَ إلى الشَّامِ وإنِّي أسأَلُ عن تأذينِكَ فأخبِرْني قال : خرَجْتُ في نفَرٍ فكنَّا في بعضِ طريقِ حُنَينٍ مَقْفَلَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حُنَينٍ فلقِيَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعضِ الطَّريقِ فأذَّن مُؤذِّنُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالصَّلاةِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسمِعْنا الصَّوتَ ونحنُ مُتنكِّبونَ على الطَّريقِ فصرَخْنا نستهزئُ نحكيه فسمِع الصَّوتَ فقال : ( أيُّكم يعرِفُ هذا الَّذي أسمَعُ الصَّوتَ ؟ ) قال : فجِيء بنا فوقَفْنا بَيْنَ يدَيْهِ فقال : ( أيُّكم صاحبُ الصَّوتِ ) ؟ قال : فأشار القومُ كلُّهم إليَّ قال : فأرسَلهم وحبَسني عندَه ولا شيءَ أكرَهُ إليَّ ممَّا يأمُرُني به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأمَرني بالأذانِ وألقى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَيَّ نفسُهُ الأذانَ فقال : ( قُلِ : اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ أشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ أشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ ) ثمَّ قال : لي : ( ارجِعْ وامدُدْ صوتَكَ ) قال : ( أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ أشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ أشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ حَيَّ على الصَّلاةِ حَيَّ على الصَّلاةِ حَيَّ على الفلاحِ حَيَّ على الفلاحِ اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ لا إلهَ إلَّا اللهُ ) فلمَّا فرَغ مِن التَّأذينِ دعاني فأعطاني صُرَّةً فيها شيءٌ مِن فضَّةٍ وقال : ( اللَّهمَّ بارِكْ فيه وبارِكْ عليه ) قال : فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ مُرْني بالتَّأذينِ قال : ( قد أمَرْتُكَ به ) قال : فعاد كلُّ شيءٍ مِن الكراهيةِ في القلبِ إلى المحبَّةِ فقدِمْتُ على عتَّابِ بنِ أَسيدٍ عاملِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكُنْتُ أُؤذِّنُ بمكَّةَ عن أمرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال ابنُ جُريجٍ وأخبَرني غيرُ واحدٍ مِن أهلي خبرَ ابنِ مُحَيريزٍ هذا عن أبي مَحذورةَ
الراوي : أبو محذورة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 1680 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَّمَهُ هذا الأذَانَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، ثُمَّ يَعُودُ فيَقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، حَيَّ علَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ علَى الفلاحِ مَرَّتَيْنِ. زَادَ إسْحَاقُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.
الراوي : أبو محذورة سمرة بن معير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 379 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

الأذانُ هو إعلامُ النَّاسِ بدُخولِ وقتِ الصَّلاةِ، وكلماتُ الأذانِ كلماتٌ جامِعةٌ لعَقيدةِ الإيمانِ والتَّوحيدِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو مَحذورةَ رَضيَ اللهُ عنه صيغةَ الأذانِ كما علَّمَها له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وولَّاه إيَّاه في مكَّةَ، وكانَ ذلك سَنةَ ثَمانٍ منَ الهِجرةِ بعدَ غَزوةِ حُنَينَ: «اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ»، وهذه اللَّفظةُ مع اختِصارِها دالَّةٌ على إثباتِ الذَّاتِ، وما يَستحِقُّه منَ الكَمالِ والتَّنزيهِ عن أضدادِها، وقيلَ: مَعناه: اللهُ أكبَرُ من كلِّ شيءٍ؛ أي: أعظَمُ، وقيلَ: مَعناه: اللهُ أكبَرُ من أن يُعرَفَ كُنه كِبريائه وعَظَمتِه. ثُمَّ يَقولُ: «أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ»، وهذا تَصريحٌ بإثباتِ الوَحدانيَّةِ، ونَفيِ ضِدِّها منَ الشَّرِكةِ المُستَحيلةِ في حقِّه سُبحانَه وتَعالَى، وهذه عُمدةُ الإيمانِ والتَّوحيدِ، المُقدَّمةُ على كلِّ وظائفِ الدِّينِ، ومَعناها: أشهَدُ أن لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، ثُمَّ يَقولُ: «أَشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، أَشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ»، فيُصرِّحُ بالشَّهادةِ بالرِّسالةِ لنبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي قاعدةٌ عظيمةٌ بعدَ الشَّهادةِ بالوَحدانيَّةِ، ومَوضِعُها بعدَ التَّوحيدِ، ثُمَّ يَدعو المُسلِمين إلى ما دَعاهم إليه اللهُ منَ العِباداتِ فيَقولُ: «حَيَّ على الصَّلاةِ (مرَّتَينِ)» ومَعناها: أَقبِلُوا إلى الصَّلاةِ، وجَعَلَها عَقِبَ إثباتِ النُّبوَّةِ؛ لأنَّ مَعرفةَ وُجوبِها من جِهةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا من جِهةِ العَقلِ، «حَيَّ على الفَلَاحِ (مرَّتَينِ)» وهو الفَوزُ والبقاءُ في النَّعيمِ المُقيمِ، وفيه إشعارٌ بأُمورِ الآخِرةِ منَ البَعثِ والجزاءِ، وفي روايةِ أبي داودَ: «فإنْ كانَ صَلاةُ الصُّبحِ قُلْتَ: الصَّلاةُ خيرٌ منَ النَّومِ، الصَّلاةُ خيرٌ منَ النَّومِ»، ثُمَّ يَقولُ: «اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ». وقد جاءَ في رِواياتٍ أُخرى عندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ: «اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ» أربَعَ مرَّاتٍ في أوَّلِه.
وقد شُرِعَ تَكريرُ ألفاظِ الأذانِ لزِيادةِ الإعلامِ بوَقتِ الصَّلاةِ، وأن تُنطَقَ كلماتُه مرَّتَينِ وتَعدَّدتِ الجُمَلُ في الأذانِ ولم يَكتفِ بجُملةٍ أو جُملتَين؛ للمُبالَغةِ في تَحقيقِ الغَرَضِ منه.
وفي الحديثِ: بيانُ إحدى صِيَغِ الأذانِ.
وفيه: بيانُ فَضلِ أبي مَحذورةَ رَضيَ اللهُ عنه، حيثُ لقَّنَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأذانَ بنَفسِه.