الموسوعة الحديثية


-  عَنِ الحَسَنِ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232]، قَالَ: حدَّثَني مَعْقِلُ بنُ يَسَارٍ أنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ؛ قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لي مِن رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلتُ له: زَوَّجْتُكَ وفَرَشْتُكَ وأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا! لا واللَّهِ لا تَعُودُ إلَيْكَ أبَدًا، وكانَ رَجُلًا لا بَأْسَ به، وكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ، فأنْزَلَ اللَّهُ هذِه الآيَةَ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232]، فَقُلتُ: الآنَ أفْعَلُ يا رَسولَ اللَّهِ، قَالَ: فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ.
الراوي : معقل بن يسار | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5130 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أمَرَ الإسلامُ بالإحسانِ إلى المرأةِ وإعطائِها حَقَّها كامِلًا غيرَ مَنقوصٍ، واعتبارِ رأيِها في النِّكاحِ قَبولًا أو رَفضًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ الحَسَنُ البَصرِيُّ عن سَبَبِ نُزولِ قَولِهِ تَعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} الوارِدُ في الآيةِ الكريمةِ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 232]؛ فذكر أنَّ الصَّحابيَّ مَعْقِلَ بنَ يَسارٍ المُزنيَّ -وكان من أهلِ بَيعةِ الرِّضوانِ رَضِيَ اللهُ عنه- أخبره أنَّها نزلت فيه؛ وذلك أنَّه زوَّج أُختًا له -واسمهُا جُمَيْل بنت يَسارٍ، وقيل: ليلى- مِن رَجُلٍ -اسمُه أبو البَدَّاح بنُ عاصمٍ-، فَطَلَّقَها طلاقًا رجعيًّا، فلَمَّا انتَهَتْ عِدَّتُها، وبانَتْ مِنه، جاءَ يَطلُبُ خِطبَتَها وتزوَّجَها مرةً أخرى، فرفض مَعقِلُ بنُ يَسارٍ رَضِيَ اللهُ عنه أن يُرجِعَها، وقال له مُتعجِّبًا مُستنكِرًا: زَوَّجْتُكَ وفَرَشْتُكَ، يعني: جَعَلْتُ أختي لك فِراشًا، وَأكرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَها، ثُمَّ جِئتَ تَخطُبُها! لا وَاللَّهِ لا تَعودُ إلَيكَ أبَدًا.
وَأخبر أنَّ زَوجَها كانَ رَجُلًا لا بَأسَ به، أي: حَسَن السُّمْعةِ، لا عَيبَ في دِينِه أو خُلُقِهِ، وَكانَت أُختُ مَعقِلٍ تَرغَبُ في العَودةِ إلَيهِ؛ لِأنَّها تُحِبُّهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ...}، أي: لا تَمنَعوهُنَّ مِن العَودةِ إلى أزواجِهِنَّ عِندَ انقِضاءِ عِدَّتِهنَّ، إذا رَغِبنَ في ذلك، فقال مَعقِلٌ رَضِيَ اللهُ عنه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الآنَ أَفْعَلُ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فأعادَها إلَيهِ بِعَقْدٍ جَديدٍ.
وفي الحَديثِ: اعتبارُ قَولِ الوَليِّ بالنِّسبةِ للمَرأةِ في الزَّواجِ.
وفيه: النَّهيُ عن مَنعِ المرأةِ مِن أن تتزوَّجَ كُفْأً تُريدُه وترضى به.
وفيه: سُرعةُ استجابةِ الصَّحابةِ لأمرِ اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.