الموسوعة الحديثية


- من دخلَ مسجِدَنا هذا ليتعلَّمَ خيرًا ، أو ليعلِّمَهُ ، كانَ كالمُجاهدِ في سَبيلِ اللَّهِ ، ومَن دخلَهُ لغيرِ ذلِكَ ، كانَ كالنَّاظرِ إلى ما لَيسَ لَهُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 16/248 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه ابن ماجه (227)، وأحمد (8603) واللفظ له
المَساجِدُ بُيوتُ اللهِ، وقد بُنِيَت للصَّلاةِ والذِّكرِ، ومِن الذِّكْرِ طَلبُ العِلمِ تَعليمًا أو تَعلُّمًا. وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: "مَن دَخَلَ مَسجِدَنا هذا"، أَرادَ المَسجِدَ النَّبويَّ، وتَخْصيصُه بالذِّكرِ إمَّا لخُصوصِ هذا الحُكمِ به، أو لأنَّه كان مَحَلًّا للكَلامِ حينَئذٍ، ولكنَّ حُكمَ سائرِ المَساجِدِ كحُكمِه في هذا الأمرِ؛ لقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن غَدا إلى المَسجِدِ لا يُريدُ إلَّا أنْ يتَعلَّمَ خَيرًا، أو يُعلِّمَه..." الحديثَ. ثمَّ قالَ: "ليَتعلَّمَ خَيرًا أو ليُعلِّمَه"، أي: جاءَ إلى المَسجِدِ حالَ كونِه آتِيًا مُريدًا للخَيرِ مِن عِلْمٍ أو عمَلٍ، أو يَطلُبُ فيه العِلمَ، أو يُدرِّسُه؛ "كان كالمُجاهِدِ في سَبيلِ اللهِ"، ووجْهُ مُشابَهةِ طلَبِ العِلمِ بالمُجاهِدِ في سَبيلِ اللهِ مِن حيثُ إنَّ كُلًّا مِنهما يُريدُ إعْلاءَ كلمةِ اللهِ العُليا، أو لأنَّ كُلًّا مِن العِلمِ والجِهادِ قد يَكونُ فرْضَ عينٍ، وقد يكونُ فرْضَ كِفايةٍ، أو لأنَّ كُلًّا مِنهما عِبادةٌ نَفْعُها مُتَعدٍّ إلى عُمومِ المسلِمين، وأنَّه إحْياءٌ للدِّينِ وإذْلالٌ للشَّيطانِ، وإتْعابٌ للنَّفسِ وإبْعادٌ لها عن الشَّهواتِ. ثمَّ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ومَن دَخَلَه لغَيرِ ذلك"، أي: لغَيرِ ما ذُكِرَ مِنَ الخَيرِ، وهو: العِلمُ والعمَلُ الذي يَشمَلُ الصَّلاةَ والاعتِكافَ؛ "كان كالنَّاظِرِ إلى ما ليس له"، أي: فهو مُتحسِّرٌ مَحرومٌ عمَّا يَنتفِعُ به النَّاسُ في الدُّنيا مِن العِلمِ والعَملِ والثَّناءِ الجَميلِ، وفي الآخِرةِ مِنَ الدَّرَجاتِ والجَزاءِ الجَزيلِ، وهو بمَنزِلةِ مَن دَخَلَ السُّوقَ لا يَبيعُ ولا يَشتَري؛ بل لِيَنظُرَ إلى أَمتِعةِ النَّاسِ، ولا يأخُذَ منها شيئًا، فيكونُ ذَهابُه بلا فائِدةٍ، وسُوقُ العِلمِ في المَساجِدِ يَنبَغي على النَّاسِ شِراءُ العِلمِ منها بالتَّعلُّمِ والتَّعليمِ. وفي الحديثِ: أنَّ المَساجِدَ أماكنُ للعِلمِ ولتَدريسِه. وفيه: بيانُ فَضلِ طلَبِ العِلمِ وتَعليمِه.