الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ سألَ ابنَ عُمَرَ عنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ عِندَ إحرامِهِ، فقال: لَأنْ أطَّليَ بقَطِرانٍ أحَبُّ إليَّ مِن أنْ أفعَلَه. قال: فسألَ أبي عائِشةَ وأخبَرَها بقولِ ابنِ عُمَرَ، فقالت: يَرحَمُ اللهُ أبا عَبدِ الرَّحمنِ، كنتُ أُطيِّبُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم يَطوفُ على نِسائِه، ثم يُصبِحُ مُحرِمًا يَنتَضِحُ طِيبًا.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 25421 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين | التخريج : أخرجه البخاري (270)، ومسلم (1192)، والنسائي (2704)، وأحمد (25421) واللفظ له
بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ وسُنَنَهما وآدابَهما، بالقَولِ والفِعلِ، في عُمراتِه وحَجَّةِ الوَداعِ، وقد نَقَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم ما سَمِعوه وما رأوْه منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك. وفي هذا الحَديثِ يَروي التابِعيُّ مُحمدُ بنُ المُنتَشِرِ: "أنَّه سألَ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه عنِ الرَّجُلِ يَتطَيَّبُ عِندَ إحرامِه" والتَّطيُّبُ هو التَّعطُّرُ والتَّزيُّنُ بالرَّوائِحِ الجَميلةِ، فقال عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: "لَأنْ أُطلَى بقَطِرانٍ" فيُدهَنَ جِسمي وجِلدي بالزِّفتِ والقَطِرانِ، "أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أفعَلَه" وهذا مِن تَشديدِ ابنِ عُمَرَ في النَّهيِ، أو عَدَمِ الرِّضا بالتَّتطَيُّبِ عِندَ ابتِداءِ الإحرامِ، فقد كانَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما لا يُحِبُّ أنْ يَحمِلَ مِن أثَرِ الطِّيبِ شَيئًا ولو كان قد وَضَعَه قَبلَ إحرامِه، قال إبراهيمُ بنُ مُحمدِ بنِ المُنتَشِرِ: "فسألَ أبي عائِشةَ وأخبَرَها بقَولِ ابنِ عُمَرَ، فقالت: يَرحَمُ اللهُ أبا عَبدِ الرَّحمنِ" وهذه كُنيةُ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، ثم قالت: "كُنتُ أُطيِّبُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" كانت تُعطِّرُه وتُزيِّنُه بالرَّوائِحِ الجَميلةِ، وقد كان أحَبُّ الطِّيبِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِسكَ "ثم يَطوفُ على نِسائِه" فيَزورُهُنَّ ويُجامِعُهُنَّ، قَبلَ ابتِداءِ الإحرامِ "ثم يُصبِحُ مُحرِمًا يَنتَضِحُ طيبًا" يَفوحُ منه الطِّيبُ والزِّينةُ في ثيابِه وبَدَنِه وهو مُحرِمٌ. وفي رِوايةِ الصَّحيحَيْنِ: "ولِحِلِّه قَبلَ أنْ يَطوفَ بالبَيتِ"، فإنَّها طَيَّبتْه بَعدَ رَميِ جَمرةِ العَقَبةِ والحَلقِ، ويُسَمَّى التَّحلُّلَ الأوَّلَ، ويَكونُ قَبلَ طَوافِ الإفاضةِ، وفيه يَحِلُّ كُلُّ شَيءٍ إلَّا الاستِمتاعَ بالنِّساءِ، كما في رِوايةٍ أُخرى لِلنَّسائيِّ: "ولِحِلِّه بَعدَما رَمى جَمرةَ العَقَبةِ، قَبلَ أنْ يَطوفَ بالبَيتِ". قالت عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها: "وطَيَّبتُه لِإحرامِه"، قَبلَ أنْ يَنويَ النُّسُكَ، وقَبلَ أنْ يُهِلَّ به، "طيبًا لا يُشبِهُ طيبَكم هذا -تَعني: ليس له بَقاءٌ-"، أي: طيبُكمُ الذي تَستَعمِلونَه عِندَ الإحرامِ ليس له بَقاءٌ، وأمَّا طيبُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه كان باقيًا بَعدَ الإحرامِ. وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ التَّطيُّبِ قَبلَ الإحرامِ وبَعدَه. وفيه: تَصويبُ بَعضِ الصَّحابةِ على بَعضٍ.