الموسوعة الحديثية


-  لا يَسرِقُ حين يَسرِقُ وهو مؤمنٌ، ولا يَزني حين يَزني وهو مؤمنٌ، ولا يَشرَبُ الخمرَ حين يَشرَبُها وهو مؤمنٌ، ولا يَغُلُّ حين يَغُلُّ وهو مؤمنٌ، ولا يَنتَهِبُ حين يَنتَهِبُ وهو مؤمنٌ. وقال عطاءٌ: ولا يَنتَهِبُ نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمنٌ. قال بَهْزٌ: فقيلَ له. قال: إنَّه يُنزَعُ منه الإيمانُ، فإنْ تابَ تابَ اللهُ عليه. وقال عَفَّانُ في حديثِه: قال قتادةُ: وفي حديثِ عطاءٍ: نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمنٌ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 9007 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين من جهة عطاء بن أبي رباح | التخريج : أخرجه البخاري (2475)، ومسلم (57) باختلاف يسير
المُؤمِنُ قد تَقَعُ منه كَبيرةٌ مِنَ الكَبائِرِ، ولكِنَّه حالَ إتيانِ هذه الكَبيرةِ وارتِكابِها لا يَتَّصِفُ بصِفةِ الإيمانِ، بل إنَّ الإيمانَ يُنزَعُ منه وهو يَرتكِبُ هذه الكَبائِرَ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يَسرِقُ حينَ يَسرِقُ وهو مُؤمِنٌ" يَعني: لا يَسرِقُ ولا يأخُذُ أحَدُهم مالَ غَيرِه مِن حِرزِه دونَ عِلْمِه وهو مُؤمِنٌ الإيمانَ الواجِبَ الكامِلَ، "ولا يَزني حين يَزني وهو مُؤمِنٌ"؛ فلا يَكونُ مُؤمِنًا كامِلَ الإيمانِ وهو يَقَعُ في فاحِشةِ الزِّنا، التي هي هَتكٌ لِأعراضِ الناسِ في مَوضِعٍ غَيرِ حَلالٍ "ولا يَشرَبُ الخَمرَ حينَ يَشرَبُها وهو مُؤمِنٌ" فهو يَشرَبُها باختيارِه، فلا يَكونُ كامِلَ الإيمانِ عِندَ شُربِه "ولا يَغُلُّ حينَ يَغُلُّ وهو مُؤمِنٌ" والغُلولُ: هو الأخْذُ مِنَ الغَنيمةِ قَبلَ قِسمَتِها، "ولا يَنتَهِبُ حينَ يَنتَهِبُ وهو مُؤمِنٌ، وقال عَطاءٌ -وهو ابنُ أبي رَباحٍ، مِن رُواةِ الحَديثِ-: ولا يَنتَهِبُ نُهبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مُؤمِنٌ" والنُّهبةُ: ما يُؤخَذُ مِنَ المالِ بغَيرِ إذنِ صاحِبِه، والتَّوصيفُ بالشَّرَفِ باعتِبارِ مُتعَلِّقِها الذي هو المالُ، وفي رِوايةِ النَّسائيِّ: "ولا يَنتَهِبُ نُهبةً ذاتَ شَرَفٍ يَرفَعُ الناسُ إليها أبصارَهم" والنُّهبةُ ذاتُ الشَّرَفِ تَكونُ كَبيرةَ المِقدارِ، بحيث تَتبَعُها أنظارُ النَّاسِ، ويَتطلَّعونَ إليها؛ لِقيمَتِها الكَبيرةِ، وهذا بَيانٌ لِقَسوةِ قَلبِ فاعِلِها، وقِلَّةِ رَحمَتِه وحَيائِه. قال بَهزُ بنُ أسَدٍ العَمِّيُّ، مِن رُواةِ الحَديثِ: "فقيل له" وظاهِرُه أنَّه قد سألَه أحَدُهم عن كَيفيَّةِ انعِدامِ الإيمانِ حالَ إتيانِ أحَدِهم إحدى هذه المَعاصي، "قال: إنَّه يُنزَعُ منه الإيمانُ، فإنْ تابَ تابَ اللهُ عليه"، أي: إنَّه يُنزَعُ منه الإيمانُ، ويُسلَبُ مِن قَلبِه عِندَ ارتِكابِه تلك المَعاصيَ، ثم يَعُودُ إليه بَعدَها إنْ تابَ تَوبةً نَصوحًا. وقيل: إنَّ مَعنى "وهو مُؤمِنٌ"، أي: كامِلُ الإيمانِ؛ فيَكونُ مَن يأتي هذه الكَبائرَ غَيرَ كامِلِ الإيمانِ وهو يَرتَكِبُها. وفي الحَديثِ: أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ. وفيه: أنَّ الزِّنا والسَّرِقةَ وشُربَ الخَمرِ مِن أكبَرِ الكَبائِرِ. وفيه: تَعظيمُ شأنِ أخْذِ حَقِّ الآخَرِ بغَيرِ حَقٍّ. وفيه: أنَّ مَن شَرِبَ الخَمرَ دَخَلَ في الوَعِيدِ المَذكورِ، سواءٌ كانَ المَشروبُ كَثيرًا أم قَليلًا.