الموسوعة الحديثية


- كنَّا جُلوسًا في المَسجِدِ نَقرأُ القُرآنَ، فدخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَلَّمَ علينا، فردَدْنا عليه السلامَ، ثمَّ قال: تعَلَّموا كِتابَ اللهِ واقْتَنُوه -قال قَبَاثٌ: وحَسِبْتُه قال:- وتَغَنَّوْا به؛ فوالذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه، لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ المَخاضِ مِنَ العُقُلِ.
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 17361 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8049)، وأحمد (17361) واللفظ له
القُرآنُ الكَريمُ هو كِتابُ اللهِ تعالَى وكَلامُه بَينَ أيدينا، وفيه الهِدايةُ والرَّشادُ، وبيانُ الأحكامِ والشَّرائِعِ، والأوامِرِ والنَّواهي؛ فيَنبَغي على المُسلِمِ أنْ يَعتَنيَ بقِراءتِه وحِفظِه ومُراجَعَتِه، مع تَفهُّمهِ وتَدبُّرِه، والعملِ به والسَّيرِ على هُداه، وأنْ يَجعَلَه ذَخيرةً لِنَفْسِه عِندَ اللهِ تَعالى يَومَ القِيامةِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ عُقبةُ بنُ عامِرٍ الجُهَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه: "كُنَّا جُلوسًا في المَسجِدِ" يَعني مَسجِدَ المَدينةِ "نَقرَأُ القُرآنَ، فدَخَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَلَّمَ علينا، فرَدَدْنا عليه السَّلامَ" وهذا مِن آدابِ الإسلامِ أنْ يُلقيَ القادِمُ السَّلامَ على القاعِدِ، ويَرُدَّ عليه التَّحيَّةَ بمِثلِها، أو أحسَنَ منها، "ثم قالَ: تَعَلَّموا كِتابَ اللهِ واقتَنوه"، أي: تَعَلَّموا القُرآنَ الكَريمَ واحفَظوه في صُدورِكم واجعَلوه مما تَدَّخِرونَه لِأنْفُسِكم مِنَ المُقتَنَياتِ النَّفيسةِ "-قالَ قَباثٌ"، وهو ابنُ رَزينٍ اللَّخميُّ، مِن رُواةِ هذا الحَديثِ: "وحَسِبتُه قالَ: وتَغَنَّوْا به-" حَسِّنوا أصواتَكم عِندَ تِلاوَتِه؛ "فوالذي نَفْسُ محمدٍ بيَدِه" يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ عَزَّ وجَلَّ، "لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ المَخاضِ مِنَ العُقُلِ"، يعني: أنَّه أشَدُّ انفِلاتًا مِنَ الإبِلِ المَربوطةِ إذا فَكَّتْ قَيدَها وانطَلَقتْ؛ فإذا لم يُداوِمِ الإنسانُ على مُراجَعةِ القُرآنِ فإنَّه يَنفَلِتُ مِن صَدرِه كما تَهرُبُ الإبِلُ إذا فُكَّ وَثاقُها، وهي أسرَعُ الحَيَواناتِ نُفورًا، وفي تَحصيلِها بَعدَ استِكمالِ نُفورِها صُعوبةٌ، فشَبَّهَ دَرسَ القُرآنِ واستِمرارَ تِلاوَتِه بضَبطِ البَعيرِ الذي يُخشى منه الشُّرادُ، فما دامَ التَّعاهُدُ مَوجودًا فالحِفظُ مَوجودٌ، كما أنَّ البَعيرَ ما دامَ مَشدودًا بالعِقالِ فهو مَحفوظٌ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على المُداوَمةِ على حِفظِ القُرآنِ ومُراجَعَتِه.