الموسوعة الحديثية


- أنَّ عَمرَو بنَ العاصِ كان على سَريَّةٍ، وذكَرَ الحديثَ نحوَه، [أيْ نحوَ حديثِ: احتَلَمْتُ في ليلةٍ باردةٍ في غَزوةِ ذاتِ السلاسِلِ، فأشفَقْتُ أنْ أغتَسِلَ فأهلِكَ، فتيمَّمْتُ...]، قال: فغسَلَ مَغابِنَه وتوضَّأَ وُضوءَه للصلاةِ، ثم صَلَّى بهم , فذكَرَ نحوَه، ولم يذكُرِ التيَمُّمَ.
الراوي : أبو قيس مولى عمرو بن العاص | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 335 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
هذا الحَديثُ مُختَصَرٌ مِن حَديثٍ آخَرَ، وفيه يَروي أبو قَيسٍ، مَولى عَمرِو بنِ العاصِ، أنَّ عَمرَو بنَ العَاصِ رَضيَ اللهُ عنه كانَ على سَريَّةٍ، والسَّريَّةُ: الطَّائِفةُ مِنَ الجَيشِ، يَبلُغُ أقصاها أربَعَ مِئةِ رَجُلٍ، وكانَ ذلك سَنةَ ثَمانٍ مِنَ الهِجرةِ، في غَزوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ، والسَّلاسِلُ: رَمْلٌ يَنعَقِدُ بَعضُه على بَعضٍ، فاحتَلَمَ عمرٌو في لَيلةٍ بارِدةٍ، فتَيمَّمَ وصلَّى بأصحابِه دُونَ غُسلٍ، مع وُجودِ الماءِ؛ وذلك لأنَّه أشفَقَ أنْ يَغتَسِلَ في البَردِ فيَموتَ أو يَتضَرَّرَ. وقدْ ذُكِرَ في هذه الرِّوايةِ أنَّه غَسَلَ مَغَابِنَه، والمَغابِنُ: ثَنايا الجِلدِ الَّتِي يَصعُبُ وُصولُ الماءِ إليها إلَّا بقَصدٍ ومُبالَغةٍ، ولَعَلَّ المُرادَ بها أنَّه غَسَلَ فَرْجَه، وتَوضَّأ وُضوءَه لِلصَّلاةِ، ثُمَّ صلَّى بأصحابِه، دونَ إتمامٍ لِغُسلٍ مع وَفرةِ الماءِ، "ولم يَذكُرِ التَّيمُّمَ"، أيْ: إنَّ راويَ هذه الرِّوايةِ لم يَذكُرْ تَيمُّمَ عَمرٍو بَدَلَ وُضوئِه. وفيه: أنَّهم فلَمَّا ذَهَبوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَروا له فِعلَ عَمرٍو وصَلاتَه بهم، فسألَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك. قالَ عَمرٌو: فأخبَرتُه بالَّذِي مَنَعَني مِنَ الاغتِسالِ، وقُلتُ: إنِّي سَمِعتُ اللهَ يَقولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]؛ فضَحِكَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يَقُلْ شَيئًا، وكأنَّه أقَرَّه على ما فَعَلَ وعلى ما فَهِمَه مِنَ الآيةِ. وفي الحَديثِ: بَيانُ تَيسيرِ الشَّرعِ في أُمورِ العِباداتِ وَقتَ الضَّرورةِ والاضطِرارِ. وفيه: أنَّ حِفظَ النَّفْسِ مِنَ الهَلاكِ مُقدَّمٌ على أداءِ بَعضِ شُروطِ العِباداتِ.