الموسوعة الحديثية


- من باعَ دارًا أو عقارًا فلم يجعَل ثمنَه في مثلِه كانَ قمِنًا أن لاَ يبارَكَ فيه.
الراوي : سعيد بن حريث المخزومي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 2035 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه ابن ماجه (2490) واللفظ له، وأحمد (18739) باختلاف يسير
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يُرشِدُ النَّاسَ إلى ما فيه مَصالِحُهم، وما يَنفَعُهم في دُنْياهم وآخِرَتِهم، وما لا يُضيِّعُ أمْوالَهم. وفي هذا الحديثِ يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ: "مَن باعَ دارًا أو عَقارًا"، والعَقارُ: الأُصولُ مِن الأراضي والضَّيْعةِ والنَّخْلِ، وضَيْعةُ الرَّجُلِ: ما يَكونُ منه مَعاشُه؛ كالصَّنْعةِ والتِّجارةِ والزِّراعةِ، وغيرِ ذلك، "فلمْ يَجعَلْ ثَمنَه في مِثلِه"؛ فإنَّ مَن باعَ دارًا أو أرْضًا فيَنْبَغي عليْه أنْ يَشْترِيَ بثَمنِها مِثلَها، فيَشْترِي دارًا أُخْرى أو أرْضًا أُخْرى، وإنْ لم يشتَرِ دارًا بعْدَ أنْ باعَ دارَه؛ "كان قَمِنًا"، أي: جَديرًا وخَليقًا وحَقيقًا "ألَّا يُبارَكَ فيه"، وإنِ انتفَتْ منه البَرَكةُ فلا نفْعَ فيه، فإنْ جُعِلَ في مِثلِه اسْتَمرَّتِ البَرَكةُ؛ وذلك لأنَّ مَصيرَ ثَمنِها إلى التَّلَفِ، إلَّا إذا اشْتَرى به غيرَها. وهذا الحديثُ لا يدُلُّ على حُرمةِ بَيعِ العَقارِ والدَّارِ، وإنَّما على التَّرْغيبِ في إعْمارِ الأرْضِ؛ إحْياءً لها. وإنْ كانتِ الدَّارُ أو الأرْضُ التي يُريدُ بَيْعَها زائدَةً عن حَوائجِه الأصليَّةِ، بحيثُ يُمكِنُ الاسْتِغناءُ عنها بغيرِها أو يَجعَلُ ثَمنَها في مِثلِها؛ فلا حَرَجَ في ذلك، أمَّا إذا كانتْ حاجَتُه إلى أرْضِه أو دارِه قائمَةً ومُلِحَّةً، ثُمَّ باعَها وجَعَلَ ثَمنَها في أمْرِ الدُّنْيا؛ فلا يُبارِكُ اللهُ له؛ لأنَّ الإنْسانَ يُطْلَبُ منه أنْ يَكونَ له آثارٌ في الأرْضِ، فلمَّا مَحا أثَرَه بِبَيْعِها رَغبةً في ثَمنِها، جُوزِيَ بِفَواتِه. وقيلَ: الظَّاهِرُ أنَّ الحُكْمَ لا يَلْحَقُ المُضْطَرَّ؛ لاخْتِلافِ الأحْكامِ العاديَّةِ والاضْطِرارِيَّةِ، والتِّجارةُ بجُزْءٍ مِن ثَمنِ الدَّارِ أو العَقارِ عندَ الحاجَةِ لا يَدخُلُ في الحُكْمِ؛ مُراعاةً لشَرطِ الضَّرورةِ التي تُقَدَّرُ بقَدْرِها، ويَشْهَدُ للمُضْطَرِّ عُمومُ النُّصوصِ الشَّرْعيَّةِ الوارِدةِ في بابِ الضَّرورةِ. وفي الحديثِ: الحثُّ على المُحافَظةِ على أُصولِ الأمْوالِ الثَّابِتةِ في الدُّنْيا إلَّا لضَرورةٍ. وفيه: الدَّعْوةُ لتَعْميرِ الأرْضِ لا لتَخْريبِها.