الموسوعة الحديثية


- عن عبدِ الرحمنِ بنِ بِشْرِ بنِ مسعودٍ، قال: فردَّ الحديثَ حتى ردَّه إلى أبي سعيدٍ، قال: ذُكِرَ ذلك عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: وما ذاكم؟ قالوا: الرجُلُ تكونُ له المرأةُ تُرضِعُ فيُصيبُ منها، ويَكرَهُ أنْ تَحمِلَ منه، والرجُلُ تكونُ له الجاريةُ فيُصيبُ منها، ويَكرَهُ أنْ تَحمِلَ منه، فقال: "فلا عليكم أنْ تَفعَلوا ذاكم؛ فإنَّما هو القَدَرُ". قال ابنُ عَونٍ: فحدَّثْتُ به الحَسَنَ فقال: "فلا عليكم، لَكأنَّ هذا زَجْرٌ".
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 11078 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (2542) بمعناه، ومسلم (1438) باختلاف يسير
كان مُجتَمَعُ الصحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم يَتورَّعونَ عن إتْيانِ فِعلٍ وحُكمُه الشرعيُّ مُشكِلٌ عليهم، حتى يَرجِعوا فيه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيُبَيِّنَ لهم. وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ الرحمنِ بنُ بِشرِ بنِ مَسعودٍ -فردَّ الحديثَ حتى ردَّهُ إلى أبي سَعيدٍ- بمَعنى أنَّه رَوى هذا الحديثَ عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رضِيَ اللهُ عنه، وهذا مِن تثبُّتِهم في الرِّوايةِ، فقال رضِيَ اللهُ عنه: "ذُكِرَ ذلك عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: العَزْلُ، وحُكمُ فِعلِه، وهو أنْ يَعزِلَ الرَّجُلُ مَاءَه عن رَحِمِ المَرْأةِ إذا جامَعَها لتَجنُّبِ الحَمْلِ، ويكونُ بنَزْعِ الذَّكَرِ مِن فَرْجِ المَرْأةِ قَبلَ الإنْزالِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وما ذاكم؟" وما تَفْصيلُ ذلك وبَيانُه؟ "قالوا: الرجُلُ تكونُ له المَرأةُ تُرضِعُ فيُصيبُ منها"، يُجامِعُ زَوْجتَه، وهي في فَترةِ الإرْضاعِ، "ويَكرَهُ أنْ تَحمِلَ منه" زَعمًا منهم أنَّ الحَملَ في حالِ الإرْضاعِ مُضِرٌّ بالحَملِ، "والرجُلُ تكونُ له الجاريةُ"، والمُرادُ بها: الأَمَةُ المَملوكةُ، "فيُصيبُ منها، ويَكرَهُ أنْ تَحمِلَ منه"؛ لِكَراهةِ الوَلَدِ منَ الأَمَةِ، أو خَوْفًا من ألَّا يَتمكَّنوا من بَيعِهِنَّ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فلا عليكم أنْ تَفعَلوا ذاكم"، ما عليكم في العَزْلِ، ولا في امْتِناعِكم منه شيءٌ، فاعْزِلوا، أو لا تَعْزِلوا، "فإنَّما هو القَدَرُ"، فما مِن نَسَمةٍ قَدَّرَ اللهُ كونَها إلَّا لا بُدَّ مِن مَجِيئِها منَ العَدَمِ إلى الوُجوِدِ، سواءٌ حَدَثَ العَزْلُ أو لم يَحدُثْ. "قال ابنُ عَونٍ" وهو عبدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ البَصْريُّ من رُواةِ هذا الحديثِ: "فحدَّثْتُ به الحسَنَ، وهو الحسَنُ البَصْريُّ- وكان من أئمَّةِ التابِعِينَ- فقال الحسن: "فلا عليكم، لكأنَّ هذا زَجْرٌ"؛ ففَهِمَ من قَولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذا الزجْرَ عنِ العَزْلِ، على غيرِ ما ذهَبَ إليه الأكثَرُ أنَّ قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا دَليلٌ على مشروعيَّةِ العَزْلِ .