الموسوعة الحديثية


- إِنَّي فرَطُكُمْ علَى الحوْضِ وإِنَّ عرْضَهُ كمَا بينَ أيْلَةَ إلى الجحْفَةِ ، إِنَّي لسْتُ أخشَى عليكم أنْ تُشْرِكُوا بعدي ، ولكِنْ أخشى عليكم الدنيا ، أن تَنافَسُوا فيها وتقْتَتِلُوا ، فتَهلَكُوا كما هلَكَ مَنْ كان قبلَكُم
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 2469 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
فِتنةُ المالِ هي إحْدَى الفِتَنِ التي ذَكَرَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَبَّه على خَطَرِها، وحذَّرَ منها أُمَّتَه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنِّي فَرَطُكم على الحَوضِ"، أي: سابِقُكم إليه، كالمُهَيِّئِ له؛ لاستِقبالِ المُؤمِنينَ عليه، وهو مِمَّا اختَصَّ به اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه الكَريمَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القيامةِ، والحَوضُ هو المَكانُ الذي يَتجَمَّعُ فيه الماءُ مِنَ النَّهَرِ، فهو صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حَوضِه، ويَأْتِيه المُؤمِنونَ يَشرَبونَ منه، ومَن شَرِبَ منه لا يَظمَأُ بَعدَ ذلك أبَدًا، "وإنَّ عَرْضَه كما بَينَ أيْلةَ إلى الجُحْفةِ"، وهذا مِن تَقريبِ المَعنى في سَعةِ الحَوضِ يَومَ القيامةِ، وأيْلةُ بَلدةٌ في آخِرِ بِلادِ الشَّامِ مِمَّا يَلي البَحرَ الأحمَرَ، وهي على السَّاحِلِ، وهي الآنَ خَرابٌ يَمُرُّ بها الحاجُّ مِن مِصرَ، فتَكونُ عن شِمالِهم، ويَمُرُّ بها الحاجُّ مِن غَزَّةَ وغَيرِها، فتَكونُ أمامَهم، وإليها تُنسَبُ العَقَبةُ المَشهورةُ عِندَ أهلِ مِصرَ، والجُحْفةُ مَوضِعٌ بَينَ مَكَّةَ والمَدينةِ، وتَبعُدُ عن مَكَّةَ 190 كلم تَقريبًا، بقُرْبِ (رابِغٍ)، وقد خَرِبَتِ الجُحْفةُ؛ فصارَ النَّاسُ يُحرِمونَ مِن رابِغٍ، ورابِغٌ قَبلَ الميقاتِ بقَليلٍ، "إنِّي لَستُ أخشى عليكم أنْ تُشرِكوا بَعدي"، بمَعنى: ليس الكُفرُ والشِّركُ سَبَبًا لِهَلاكِ الأُمَّةِ بَعدَه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ولكِنْ أخْشى عليكمُ الدُّنيا؛ أنْ تَنافَسوا فيها وتَقتَتِلوا"، ولَكِنَّني أخْشى أنْ يَحْمِلَكمُ التَّنافُسُ على المالِ والجاهِ على التَّنازُعِ فيما بَينَكم، فيُؤَدِّيَ بكم ذلك إلى العَداوةِ والبَغضاءِ والتَّقاتُلِ على الدُّنيا وزينَتِها، "فتَهلِكوا كما هَلَكَ مَن كانَ قَبلَكم"، ويَكونُ ذلك بِهلاكِ دِينِكم، كما حَدَثَ مع الأُمَمِ السَّابِقةِ قَبلَكم، وفيه إنذارٌ بما سيَقَعُ، وقد وَقَعَ كما أخبَرَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذْ فُتِحَتِ الدُّنيا بَعدَه وبُسِطتْ، وحَصَل التَّحاسُدُ والتَّقاتُلُ، وما هو مَعروفٌ مِمَّا يَشهَدُ بمِصداقِ خَبَرِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن حُبِّ المالِ والغِنى، والطَّمَعِ بما في أيدي الناسِ.