- أنَّ رَجُلًا كان في عَقلِه ضَعفٌ، وكان يُبايِعُ، وأنَّ أهلَه أَتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالوا: يا نَبيَّ اللهِ، احجُرْ عليه، فدَعاه نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فنَهاه، فقال: يا نَبيَّ اللهِ، إنِّي لا أصبِرُ عنِ البَيعِ، قال: فإذا بايَعتَ فقُلْ: لا خِلابةَ.
الراوي : أنس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم: 4859 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
التخريج : أخرجه أبو داود (3501)، والترمذي (1250)، والنسائي (4485)، وابن ماجه (2354)، وأحمد (13276) واللفظ له
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ الله عَنهُ: "أنَّ رجلًا على عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ كان يَبتاعُ" بمَعنَى يَشتَرِي أو يُمارِسُ البَيعَ والشِّراءَ "وكان في عُقدَتِه ضَعْفٌ" يَعني: أنَّه مغفَّلٌ لا يُحسِن البَيعَ والشِّراءَ، ويَغُشُّه النَّاس لقلَّةِ رُشدِه، فمَعنَى عُقدَتِه: أن في رَأيِه ونَظَرِه في مَصالِحِ نَفسِه وعَقلِه ضَعفٌ، وقيل: هي العُقدَةُ في اللِّسانِ، "فأتى أهلُه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ ، فقالوا: يا نَبِيَّ الله، احجُرْ على فُلانٍ؛ فإنَّه يَبتاعُ وفي عُقدَتِه ضَعفٌ" والحَجرُ: المَنعُ من التَّصَرُّفِ، والمُرادُ به هنا: مَنعُ هذا الرَّجلِ من التَّعامُلِ بالبَيعِ والشِّراءِ؛ "فدَعاهُ نَبِيُّ الله صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ؛ فنَهاهُ عن البَيعِ"؛ وذلك لِمَا ثَبَت عِندَه صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ أنَّ في ذلك مَصلحَةً للرَّجلِ وأنَّ الحَجْرَ يَحفَظُ عليه مالَه؛ فقال الرَّجُلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ: "يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي لا أصبِرُ عن البَيعِ" والمَعنَى: أن طَلَبه للبَيعِ والشِّراءِ إنَّما هو عن رَغبَةٍ وهِوايَةٍ لا عن حاجَةٍ وطَلَبٍ؛ فلا يَقدِرُ عَلَى حَبْسِ نَفسِه عنه؛ فقال صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ: "إنْ كُنتَ غَيرَ تارِكٍ البَيعَ" بمَعنَى: إنْ كان ولا بُدَّ بأن تَعمَلَ في البَيعِ، "فقل: هَاءَ وهَاءَ" وهو أن يَقولَ كلٌّ من المُتبايِعَين: هاءَ، فيُعطِيه ما في يَدِه، كحَديثِ: "إلَّا يدًا بيَدٍ"، وقيل: مَعناهُ: هاكَ وهاتِ؛ أي: خُذْ وأَعطِ، "ولا خِلابَةَ" لا خَديعةَ، وإنَّما أمرَه أنْ يَقولَ ذلك لِمَن يتَعامَلُ معه تَنبيهًا له بوُجوبِ الصِّدقِ والأمانَةِ والنُّصحِ في المُعامَلَةِ؛ أي: لا تُخادِعْني؛ فإنَّ الإسلامَ لا يُبيحُ الخديعةَ ولا يُقِرُّ بيعَ الخَديعَةِ.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن الخَديعَةِ في البَيعِ وما يَضُرُّ بمَصالِحِ المُسلِمين( ).