الموسوعة الحديثية


- كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فَكُنْتُ علَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكانَ يَغْلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أمَامَ القَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ ويَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ ويَرُدُّهُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ، قالَ: هو لكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: بِعْنِيهِ. فَبَاعَهُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هو لكَ يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ به ما شِئْتَ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 2115 | خلاصة حكم المحدث : [معلق] | التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
مِن مَحاسنِ شَمائلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُراعاتُه أحوالَ الصَّحابةِ، وحِرصُه على ما يُدخِلُ عليهم السُّرورَ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا مع النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفرٍ، وكان عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه راكبًا بَكْرًا صعْبًا كان مِلكًا لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، يعني: كَثيرَ النُّفورِ؛ وذلك لأنَّه لم يُذلَّلْ ويُروَّضْ بَعدُ، والبَكرُ: هو وَلدُ النَّاقةِ أوَّلَ ما يُركَبُ، فكانَ هذا البَكْرُ يَغلِبُه ولا يَستطيعُ السَّيطرةَ عليه، فكانَ يَتقدَّمُ به النَّاسَ، فَيزجرُهُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه فَيعودُ، ثُمَّ يَتقدَّمُ مرَّةً أُخرى، فَيزجرُهُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه فَيعودُ، فقالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِعُمرَ رَضيَ اللهُ عنه: بِعْ لي هذا البَكرَ، فقال عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه: «هو لكَ يا رَسولَ اللَّهِ»، يَعني: بِدونِ مالٍ، فأعادَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولَه، فاستَجابَ عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه لطَلَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وباعَهُ له، فأهداهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعبْدِ اللهِ، وقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هو لكَ يا عبْدَ اللهِ بنَ عُمرَ، تَصنَعُ به ما شِئتَ»، يعني: تَصنَعُ ما شِئتَ به مِن أنواعِ التَّصرُّفاتِ، كبَيعِه وإهدائِه، وإنَّما قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القولَ؛ لئلَّا يَتوهَّمَ ابنُ عمَرَ أنَّ شَيئًا وَهَبَه له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَكرَهُ إخراجَه مِن مُلْكِه، وكان جَمَلًا صَعْبًا، فيَشُقُّ عليه حِفْظَه.
وقدْ وَهَبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعبْدِ اللهِ بنِ عمَرَ مِن فَورِه، قبْلَ أنْ يَتفرَّقَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعمَرُ بنُ الخطَّابِ، وقدْ ورَدَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّحيحَينِ: «البيِّعانِ بالخِيارِ ما لم يَتفرَّقَا»، وقيل في الجمْعِ بيْنهما: إنَّ البائعَ لم يُنكِرْ، فكان عدَمُ إنكارِه قاطعًا لخِيارِ المجلِسِ؛ لأنَّ سُكوتَه مُنزَّلٌ مَنزِلةَ قَولِه: أمْضَيتُ البيعَ. وقيل: إنَّ هذا التَّصرُّفَ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَّنَ أنَّ التَّفرُّقَ في مَجلسِ العقْدِ يَكونُ بالكلامِ كما يكونُ بالأبدانِ.
وفي الحديثِ: ما كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم عليه مِن التَّوقيرِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعدَمِ تَقدُّمهم عليه في المشْيِ.
وفيه: أنَّ الهَديَّةَ عقْدُ تَمليكٍ.