الموسوعة الحديثية


- بعثَتْ بنو سعدِ بنِ بَكْرٍ ضِمامَ بنَ ثعلبةَ وافدًا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقدِمَ عليهِ وأَناخَ بعيرَهُ على بابِ المسجدِ ثمَّ عقلَهُ ثمَّ دخلَ المسجدَ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جالسٌ في أصحابِهِ وَكانَ ضِمامٌ رجلًا جلدًا أشعرَ ذا غديرتَينِ فأقبلَ حتَّى وقفَ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في أصحابِهِ فقالَ أيُّكمُ ابنُ عبدِ المطَّلبِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أَنا ابنُ عبدِ المُطَّلبِ قالَ محمَّدٌ قالَ نعم فقالَ ابنَ عبدِ المطَّلبِ إنِّي سائلُكَ ومُغلِّظٌ في المسألةِ فلا تجدنَّ في نفسِكَ قالَ لا أجدُ في نفسي فسَلْ عمَّا بدا لَكَ قالَ أنشدُكَ اللَّهَ إلَهَكَ وإلَهَ من كانَ قبلَكَ وإلَهَ من هوَ كائنٌ بعدَكَ آللَّهُ بعثَكَ إلينا رسولًا فقالَ اللَّهمَّ نعم قالَ فأنشدُكَ اللَّهَ إلَهَكَ وإلَهَ من كانَ قبلَكَ وإلَهَ من هوَ كائنٌ بعدَكَ آللَّهُ أمرَكَ أن تأمرَنا أن نعبدَهُ وحدَهُ لا نشرِكُ بِهِ شيئًا وأن نخلعَ هذِهِ الأندادَ الَّتي كانت آباؤُنا يعبدونَ معَهُ قالَ اللَّهمَّ نعم قالَ فأنشدُكَ اللَّهَ إلَهَكَ وإلَهَ من كانَ قبلَكَ وإلَهَ من هوَ كائنٌ بعدَكَ آللَّهُ أمرَكَ أن نصلِّيَ هذِهِ الصَّلواتِ الخمسَ قالَ اللَّهمَّ نعم قالَ ثمَّ جعلَ يذكرُ فرائضَ الإسلامِ فريضةً فريضةً الزَّكاةَ والصِّيامَ والحجَّ وشرائعَ الإسلامِ كلَّها يُناشِدُهُ عندَ كلِّ فريضةٍ كما يُناشِدُهُ في الَّتي قبلَها حتَّى إذا فرغَ قالَ فإنِّي أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وسأؤدِّي هذِهِ الفرائضَ وأجتنِبُ ما نَهَيتَني عنهُ ثمَّ لا أزيدُ ولا أنقصُ قالَ ثمَّ انصرفَ راجعًا إلى بعيرِهِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ ولَّى إن يصدُقْ ذو العَقيصتَينِ يدخلِ الجنَّةَ قالَ فأتَى إلى بعيرِهِ فأطلقَ عقالَهُ ثمَّ خرجَ حتَّى قدِمَ على قَومِهِ فاجتمَعوا إليهِ فَكانَ أوَّلَ ما تَكَلَّمَ بِهِ أن قالَ بئستِ اللَّاتُ والعُزَّى قالوا مَهْ يا ضِمامُ اتَّقِ البَرصَ والجُذامَ اتَّقِ الجنونَ قالَ ويلَكُم إنَّهُما واللَّهِ لا يضرَّانِ ولا ينفعانِ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد بعثَ رسولًا وأنزلَ عليهِ كتابًا استنقذَكُم بِهِ ممَّا كنتُمْ فيهِ وإنِّي أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ إنِّي قد جئتُكُم من عندِهِ بما أمرَكُم بِهِ ونَهاكم عنهُ قالَ فواللَّهِ ما أمسَى من ذلِكَ اليومِ وفي حاضرِهِ رجلٌ ولا امرأةٌ إلَّا مسلمًا قالَ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ فما سمِعنا بوافدِ قَومٍ كانَ أفضلَ من ضِمامِ بنِ ثعلبةَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 4/118 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (487)، والدارمي (652)، والطبراني (8/365) (8149) باختلاف يسير

بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ المُتَّكِئُ. فقالَ له الرَّجُلُ: يا ابْنَ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ. فقالَ الرَّجُلُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ. فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 63 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (63)، ومسلم (12) بنحوه


كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثرَ الناسِ تواضعًا، وكان الناسُ يَأتون إلى فيَسألونَه عن شَرائعِ الدِّينِ، فيُعلِّمُهم ويُجِيبُهم بما يُناسِبُ أحوالَهم؛ حتى يكونَ الأمرُ واضحًا في عُقولِهم.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ضِمامَ بنَ ثعلبةَ رَضيَ اللهُ عنه -وكان سَيِّدَ قَومِه بني سَعدِ بنِ بكرٍ- جاء إلى المدينةِ لمُقابَلةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَسأَلَه عن أركانِ الإسلامِ؛ ليَكونَ مُعلِّمًا لقَومِه بعْدَ رُجوعِه، فدخَلَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه وهم في المسجدِ، وكان ضِمامٌ على جمَلٍ، فأناخَهُ في المسجِدِ، وجعَلَه يَبرُكُ على الأرضِ، ثمَّ رَبَطَه حتى لا يَتحرَّكَ، ثمَّ قال لهم: أيُّكم محمَّدٌ؟ وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئًا على فُرشٍ له بيْن القومِ لتواضُعِه، فأخبَرَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أنَّ الرجُلَ الأبيضَ المُتَّكئَ على الفراشِ هو النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَناداهُ ضِمامٌ: يا ابنَ عبدِ المُطَّلبِ، فنَسَبَه لجَدِّه، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قد أجبْتُكَ»، أي: سَمِعْتُك، فسَلْ حتى أُجِيبَك، وإنَّما أجابَه عليه السَّلامُ بهذه العبارةِ؛ لأنَّه أخلَّ بما يَجِبُ مِن رِعايةِ غايةِ التَّعظيمِ والأدَبِ بإدخالِ الجَمَلِ في المسجِدِ، وخِطابُه بـ: «أيُّكم محمَّدٌ؟» وبابنِ عبدِ المطَّلبِ؟ فقال ضِمامٌ: إنِّي سائلُك فمُشدِّدٌ ومُغلِّظٌ عليك في السُّؤالِ، فلا تَحزَنْ ولا تَغضَبْ منِّي في نفْسِك، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سَلْ عمَّا بَدا لك» وما ظهَرَ لك مِن أسئلةٍ، فقال ضِمامٌ: أسأَلُك بربِّك وربِّ مَن قبْلِك؛ آللهُ أرسَلَك إلى الناسِ كلِّهم؟ فأجابَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ نَعَمْ»؛ إنَّ اللهَ أرْسَلَني بَشيرًا ونَذيرًا إلى كلِّ الناسِ، فاستحْلَفَ ضِمامٌ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ سُبحانه وتعالَى، وذكَّرَه به أنْ يُجِيبَه، هلْ أمَرَ اللهُ عِبادَه بالصَّلواتِ المكتوباتِ وبصَومِ رَمضانَ وبأخْذِ الزَّكاةِ المفروضةِ، وأنْ تُؤخَذَ هذه الصَّدَقَةُ مِن الأغْنِياء وتُعْطى للفُقَراءِ؟ فأجابَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: اللَّهمَّ نَعمْ، وهنا ما كان مِن ضِمامٍ إلَّا أنْ آمَن وأسلَمَ، بلْ وأخبَرَ النبيَّ الكريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه سيَدْعو قَومَه جَميعًا للإسلامِ. ثمَّ عرَّف نفْسَه للنبيِّ وأنَّه ضِمامُ بنُ ثَعْلَبةَ مِن بَني سَعْدِ بنِ بَكْرٍ الذين استُرضِعَ فيهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي الحديثِ: أنَّ الرَّجلَ يُعرَفُ بصِفتِه؛ مِن البَياضِ والحُمرةِ، والطُّولِ والقِصَر؛ لقولِهِم: فقُلْنا: هذا الرَّجلُ الأبيضُ. وفيه: بَيانُ تَواضُعِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجُلوسِه بيْن أصحابِه ومعهم، ولا يَقومُ واحِدٌ منهم على رَأسِه، كما يَفعَلُ الأعاجمُ في غيرِ حاجةٍ. وفيه: تَقديمُ الإنسانِ بين يدَيْ حَديثِه مُقدِّمةً يَعتذِرُ فيها؛ ليَحسُنَ مَوقعُ حَديثِه عندَ المُحدَّثِ.