الموسوعة الحديثية


- ما هلك قومٌ حتَّى يُعذروا من أنفسِهم . قال : قلتُ لعبدِ الملِكِ : كيف يكونُ ذاك ؟ قال : فقرأ هذه الآيةَ : { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير | الصفحة أو الرقم : 2/6 | خلاصة حكم المحدث : ما نراه صحيحا

ما هلَك قومٌ حتى يُعذروا مِنْ أنفسِهم
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : تفسير الطبري
الصفحة أو الرقم: 5/2/154 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

تَعمُّدُ فِعلِ المَعصيةِ مِن أكبرِ أسبابِ الهَلاكِ، وإنَّ اللهَ سُبحانه يُمْلي للعُصاةِ ويُنذِرُهم؛ لِيَتوبُوا ويُصلِحوا، وإلَّا فقدْ أقاموا على أنفُسِهم الحُجَّةَ المُوجِبةَ للعذابِ والهَلاكِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما هلَكَ قومٌ"، أي: لنْ يُهلِكَ اللهُ عزَّ وجلَّ الناسَ في الدُّنيا بمَوتٍ أو عذابٍ، "حتى يُعذِرُوا مِن أنفُسِهم"، أي: حتى يُكثِروا مِن الذُّنوبِ والمعاصي، ولم يَبقَ لهم عُذرٌ بعدَما أقامَ اللهُ علَيهِم مِن الحُجَجِ ما أقام؛ كأمْرٍ بمَعروفٍ، أو نَهيٍ عن مُنكَرٍ ولم يَستَجِيبوا، فيَستَوجِبوا بذلكَ العُقوبةَ، ولا عُذرَ لهم بعدَ ذلك، وقيل: "يُعذِروا أنفُسَهم" مِن أعذَرَ غيرَه؛ إذا جعَلَه مَعذورًا، فكأنَّهم أعْذَروا مَن يُعاقِبُهم بكَثرةِ ذُنوبِهم، أو مِن (أعذَرَ)، أي: صارَ ذا عُذرٍ، والمعنى: حتى يُذنِبوا، فيُعذِروا أنفُسَهم بتأْويلاتٍ زائغةٍ وأعذارٍ فاسِدةٍ مِن قِبَلِها، ويَحسَبون أنَّهم يُحسِنون صُنْعًا! وقيل: معنَى هذا الحديثِ: ما جاءَ في هذه الآيةِ: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف: 5]؛ فكأنَّ الإعذارَ مِن أنفُسِهم معناه اعترافُهم بذُنوبِهم؛ وعلى كلِّ هذه المعاني فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا يَظلِمُ أحدًا مِن خلْقِه( ).