الموسوعة الحديثية


- الشُّهداءُ ثلاثةٌ: رجُلٌ خرَجَ بنفْسِه ومالِه صابِرًا مُحتسِبًا، لا يُريدُ أنْ يَقتُلَ ولا يُقْتَلَ، فإنْ مات أو قُتِلَ، غُفِرَت له ذُنوبُه كلُّها، ويُجارُ مِن عَذابِ القبْرِ، ويُؤَمَّنُ مِن الفزعِ الأكبرِ، ويُزوَّجُ مِن الحُورِ العينِ، ويُحَلُّ عليه جاهُ الكرامةِ، ويُوضَعُ على رأْسِه تاجُ الخُلْدِ. والثَّاني: رجُلٌ خرَجَ بنفْسِه ومالِه مُحتسِبًا، يُرِيدُ أنْ يَقْتُلَ ولا يُقْتَلَ، فإنْ مات أو قُتِلَ، كانت رُكبتُه برُكبةِ إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن يَدَيِ اللهِ في مَقعدِ صِدْقٍ. والثَّالثُ: رجُلٌ خرَجَ بنفْسِه ومالِه مُحتسِبًا، يُريدُ أنْ يَقْتُلَ ويُقْتَلَ، فإنْ مات أو قُتِلَ، جاء يومَ القيامةِ شاهِرًا سيْفَه، واضِعَه على عاتِقِه، والنَّاسُ جاثونَ على الرُّكبِ يقولونَ: افْرِجوا لنا؛ فإنَّا قد بذَلْنا دِماءَنا للهِ عَزَّ وجَلَّ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فوالَّذي نَفْسي بيَدِه، لو قال ذلك لإبراهيمَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو لنَبيٍّ مِن الأنبياءِ؛ لَتنَحَّى له عن الطَّريقِ؛ لِمَا يَرى مِن حَقِّه، فلا يَسأَلُ اللهَ شيئًا إلَّا أعطاهُ، ولا يَشفَعُ لأحدٍ إلَّا شُفِّعَ فيه، ويُعْطى في الجنَّةِ ما أحبَّ، ولا يَفْضُلُه في الجنَّةِ مَنزِلًا نَبيٌّ ولا غيرُه، وله في جَنَّةِ الفِرْدوسِ ألْفُ ألْفِ مدينةٍ مِن فِضَّةٍ، وألْفُ ألْفِ مدينةٍ مِن ذهَبٍ، وألْفُ ألْفِ مدينةٍ مِن لُؤلؤٍ، وألْفُ ألْفِ مَدينةٍ مِن ياقوتٍ، وألْفُ ألْفِ مَدينةٍ مِن دُرٍّ، وألْفُ ألْفِ مَدينةٍ مِن زَبَرْجدٍ، وألْفُ ألْفِ مَدينةٍ مِن نُورٍ يَتلألأُ نُورًا، في كلِّ مدينةٍ مِن هذه المدائنِ ألْفُ ألْفِ قصْرٍ، في كلِّ قصْرٍ ألْفُ ألْفِ بيتٍ، في كلِّ بيتٍ ألْفُ ألْفِ سَريرٍ، مِن غيرِ جَوهرِ البيتِ، طولُه مَسِيرةُ ألْفِ عامٍ، وعرْضُه مَسيرةُ ألْفِ عامٍ، وطولُه في السَّماءِ مَسيرةُ خمسِ مئةِ عامٍ، عليه زَوجةٌ قد برَزَ كُمُّها مِن جانبيِ السَّريرِ عشْرينَ مِيلًا مِن كلِّ زاويةٍ، وهي أربعةُ زوايَا، وأشفارُ عينَيْها كجَناحِ النَّسْرِ، أو كقَواديمِ النُّسورِ، وحاجِباهَا كالهلالِ، عليها ثِيابٌ نبَتَتْ في جنَّاتِ عَدْنٍ، سُقياها مِن تَسنيمٍ، وزَهْرُها يَختطِفُ الأبصارَ دونَها. قال: وقال الحسنُ: لو برَزَتْ لأهلِ الدُّنيا لم يَرَها نَبيٌّ مُرسلٌ، ولا ملَكَ مُقرَّبٌ إلَّا فُتِنَ بحُسْنِها، بيْن يَدَيْ كلِّ امرأةٍ منهنَّ مئةُ ألْفِ جاريةٍ بِكْرٍ خدَمٌ سِوى خدَمِ زوجِها، وبيْن كلِّ سَريرٍ كُرسيٌّ مِن غيرِ جَوهرِ السَّريرِ، طولُه مِئةُ ألْفِ ذِراعٍ، على كلِّ سَريرٍ مِئةُ ألْفِ فِراشٍ، غِلَظُ كلِّ فِراشٍ كما بيْن السَّماءِ والأرضِ، وما بيْنهنَّ مَسيرةُ خمسِ مئةِ عامٍ، يَدخُلون الجنَّةَ قبْلَ الصِّدِّيقينَ والمُؤمنينَ بخمْسِ مئةِ عامٍ، يَفتضُّونَ العَذارى، وإذا دنَا مِن السَّريرِ تَطامَنَتْ له الفُرشُ حتَّى يَركَبَها، فيَعْلُو منها حيث شاء، فيتَّكِئُ تَكأَةً مع الحورِ العِينِ سَبعينَ سَنةً، فتُناديهِ أبْهى منها وأجمَلُ: يا عبدَ اللهِ، أمَا لنا منك دولةٌ؟ فيَلتفِتُ إليها فيقولُ: مَن أنتِ؟ فتقولُ: أنا مِن الَّذين قال اللهُ تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]، ثمَّ تُناديهِ أبْهى منها وأجمَلُ مِن غُرفةٍ أُخرى: يا عبدَ اللهِ، أمَا لك فينا مِن حاجةٍ؟ فيقولُ: ما علِمْتُ مكانَكِ، فتقولُ: أومَا علِمْتَ أنَّ اللهَ تبارَكَ وتَعالى قال: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]؟ فيقولُ: بلى وربِّي. قال: فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فلعلَّه يَشتغِلُ عنها بعدَ ذلك أربعينَ عامًا، ما يَشْغَلُه عنها إلَّا ما هو فيه مِن النِّعمةِ واللَّذَّةِ، فإذا دخَلَ أهْلُ الجنَّةِ الجنَّةَ ركِبَ شُهداءُ البحرِ قَراقيرَ مِن دُرٍّ في نَهرٍ مِن نُورٍ، مَجاديفُهم قُضبانُ اللُّؤلؤِ والمَرْجانِ والياقوتِ، تَرفَعُهم رِيحٌ تُسمَّى الزَّهراءَ في مَوجٍ كالجبالِ، إنَّما هو نورٌ يَتلألأُ، تلك الأمواجُ أهونُ في أعيُنِهم وأحلى عِندَهم مِن الشَّرابِ الباردِ في الزُّجاجةِ البيضاءِ عندَ أهْلِ الدُّنيا في اليومِ الصَّائفِ، وأيَّامُهم الَّذين كانوا في نَحْرِ أصحابِهم الَّذين كانوا في الدُّنيا، تُقَدَّمُ قَراقيرُهم مِن بيْن أصحابِهم ألْفَ ألْفِ سَنةٍ، وخمسَ مئةِ ألْفِ سَنةٍ، وخمسينَ ألْفَ سَنةٍ، ومَيمنَتُهم خلْفَهم على النِّصفِ مِن قُرْبِ أولئك مِن أصحابِهم، ومَيْسرتُهم مِثْلُ ذلك، وساقَتْهم الَّذين كانوا خلْفَهم في تلك القَراقيرِ مِن دُرٍّ، فبيْنما هم كذلك يَسيرون في ذلك النَّهرِ، إذ رفَعَتْهم تلك الأمواجُ إلى كُرسيٍّ بيْن يَدَيْ عرْشِ رَبِّ العِزَّةِ، فبيْنما هم كذلك إذ طلَعَتِ الملائكةُ عليهم يَضْفُون على خَدَمِ أهْلِ الجنَّة حُسنًا وبَهاءً وجَمالًا ونُورًا، كما يَضْفُون همْ على سائرِ أهْلِ الجنَّةِ بمَنازِلِهم عندَ اللهِ تبارَكَ وتعالى، فيَهُمُّ أحدُهم أنْ يَخِرَّ لبعضِ خُدَّامِهم مِن الملائكةِ ساجِدًا، فيقولُ: يا ولِيَّ اللهِ، إنَّما أنا خادمٌ، ونحن مئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّاتِ عَدْنٍ، ومئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّاتِ الفردوسِ، ومئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّاتِ النَّعيمِ، ومئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّةِ المأْوى، ومئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّاتِ الخُلْدِ، ومئةُ ألْفِ قَهْرمانَ في جنَّاتِ الجَلالِ، ومئةُ ألْفِ قَهْرمان في جنَّاتِ السَّلامِ، كلُّ قَهْرَمانَ منهم على مِئةِ مدينةٍ، في كلِّ مدينةٍ مئةُ ألْفِ قصْرٍ، في كلِّ قصْرٍ مئةُ ألْفِ بيتٍ مِن ذهَبٍ وفِضَّةٍ، ودُرٍّ وياقوتٍ، وزَبَرْجَدٍ ولُؤلؤٍ، ونُورٍ، فيها أزواجُه وسُرَرُه وخُدَّامُه، لو أنَّ أدْناهُم رجُلًا نزَلَ به الثَّقلانِ الجِنُّ والإنسُ ومِثْلُهم معهم ألْفَ ألْفِ مرَّةٍ؛ لوَسِعَهم أدْنى قصْرٍ مِن قُصورِه ما شاء مِن النُّزلِ والخدَمِ، والفاكهةِ والثِّمارِ، والطَّعامِ والشَّرابِ، كلُّ قصْرٍ مُسْتغْنٍ بما فيه مِن هذه الأشياءِ على قَدْرِ سَعَتِهم جميعًا، لا يَحتاجُ إلى القصْرِ الآخرِ في شَيءٍ مِن ذلك، وإنَّ أدْناهم مَنزلةً الَّذي يَدخُلُ على اللهِ بُكرةً وعشيًّا، فيأْمُرُ له بالكرامةِ كلِّها، لم يَشتغِلْ حتَّى يَنظُرَ إلى وجْهِه الجميلِ تبارَكَ وتعالى.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/154 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] داود بن المحبر وهو ضعيف
التخريج : أخرجه البزار (6196)، والحارث في ((مسنده)) (632)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4255) باختلاف يسير.