الموسوعة الحديثية


- كنَّا في مَسيرٍ عامدينَ إلى الكوفةِ مع أميرِ المُؤمنينَ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه، فلمَّا بلَغْنا مَسيرةَ لَيلتينِ أو ثلاثٍ مِن حَروراءَ شَذَّ منَّا ناسٌ، فذكَرْنا ذلكَ لعلِيٍّ، فقال: لا يَهُولَنَّكم أمْرُهم؛ فإنَّهم سيَرجِعون، فنَظَرْنا، فلمَّا كان مِنَ الغدِ شذَّ مِثلَيْ مَن شذَّ، فذكَرْنا ذلكَ لعلِيٍّ، فقال: لا يَهُولَنَّكم أمْرُهم؛ فإنَّ أمْرَهم يَسيرٌ، وقال علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه: لا تَبْدؤُوهم بقِتالٍ حتَّى يَكونوا هُم الَّذين يَبدَؤونَكم، فجَثَوا على رُكَبِهم واتَّقَيْنا بتُرُسِنا، فجَعَلوا يَنَالُونَا بالنُّشَّابِ والسِّهامِ، ثمَّ إنَّهم دَنَوا منَّا، فأسْنَدوا لنا الرِّماحَ، ثمَّ تَناوَلونا بالسُّيوفِ حتَّى همُّوا أنْ يَضَعوا السُّيوفَ فِينا، فخرَجَ إليهم رجُلٌ مِن عبْدِ القَيسِ يُقالُ له: صَعْصعةُ بنُ صُوحانَ، فنادى ثلاثًا، فقالوا: ما تشاءُ؟ فقال: أُذَكِّرُكم اللهَ أنْ تَخرُجوا بأرضٍ تكونُ مَسبَّةً على أهلِ الأرضِ، وأُذَكِّرُكم اللهَ أنْ تَمرُقوا مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرَّميَّةِ. فلمَّا رَأَيناهم قدْ وَضَعوا فِينا السُّيوفَ، قال علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه: انْهَضوا على بَرَكةِ اللهِ تعالَى، فما كان إلَّا فُواقٌ مِن نَهارٍ حتَّى ضَجَعْنا مَن ضَجَعْنا، وهرَبَ مَن هَرَب، فحَمِدَ اللهَ علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه، فقال: إنَّ خَلِيلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَني أنَّ قائدَ هؤلاء رجُلٌ مُخْدَجُ اليَدِ، على حَلَمةِ ثَدْيِه شُعيراتٍ كأنَّهنَّ ذنَبُ يَرْبوعٍ، فالْتَمِسوه، فالْتَمَسوه فلم يَجِدوه، فأتَيْناه، فقُلْنا: إنَّا لم نَجِدْه، فقال: الْتَمِسوه؛ فواللهِ ما كذَبْتُ ولا كُذِبْتُ، فما زِلْنا نَلتمِسُه حتَّى جاء علِيٌّ بنفْسِه إلى آخِرِ المعْركةِ الَّتي كانتْ لهم، فما زال يَقولُ: اقْلِبوا ذا، اقْلِبوا ذا، حتَّى جاء رجُلٌ مِن أهلِ الكوفةِ، فقال: ها هو ذا، فقال علِيٌّ: اللهُ أكبَرُ! واللهِ لا يَأتيكم أحدٌ يُخبِرُكم مَن أبوهُ مَلَكٌ، فجَعَل النَّاسُ يَقولُون: هذا مالِكٌ هذا مالِكٌ، يَقولُ علِيٌّ: ابنُ مَن؟ يَقولُون: لا نَدْري، فجاء رجُلٌ مِن أهلِ الكوفةِ، فقال: أنا أعلَمُ النَّاسِ بهذا، كُنتُ أَرُوضُ مُهْرةً لفلانِ بنِ فُلانٍ؛ شَيخٍ مِن بَني فُلانٍ، وأضَعُ على ظَهرِها جَوالِقَ سَهلةً، أُقبِلُ بها وأُدبِرُ، إذ نَفَرَت المُهرةِ فَناداني، فقال: يا غُلامُ، انظُرْ فإنَّ المُهْرةَ قدْ نَفَرَت، فقُلتُ: إنِّي لَأرى خيالًا كأنَّه غُرابٌ أو شاةٌ، إذ أشْرَفَ هذا عليْنا، فقال: مَنِ الرَّجلُ؟ فقال: رجُلٌ مِن أهلِ اليمامةِ، قال: وما جاء بكَ شَعْثًا شاحبًا؟ قال: جِئتُ أعبُدُ اللهَ في مُصلَّى الكوفةِ، فأخَذَ بيَدِه ما لنا رابعٌ إلَّا اللهُ حتَّى انطَلَقَ به إلى البيتِ، فقال لامرأتِه: إنَّ اللهَ تعالَى قدْ ساق إليك خيْرًا، قالت: واللهِ إنِّي إليه لَفقيرةٌ، فما ذلكَ؟ قال: هذا الرَّجلُ شَعثٌ شاحبٌ كما تَرَين، جاء مِنَ اليمامةِ لِيَعبُدَ الله في مُصلَّى الكوفةِ، فكان يَعبُدُ اللهَ فيه ويَدْعو النَّاسَ حتَّى اجتمَعَ النَّاسُ إليه، فقال علِيٌّ: أمَا إنَّ خَليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَني أنَّهم ثَلاثةُ إخوةٍ مِنَ الجنِّ، هذا أكبَرُهم، والثَّاني له جَمعٌ كثيرٌ، والثَّالثُ فيه ضَعفٌ.
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8842 | خلاصة حكم المحدث : صحيح الإسناد والسند