الموسوعة الحديثية


- دخلتِ امرأةٌ على عائشةَ قد شُلَّت يدُها فقالت : يا أمَّ المؤمنين ، بِتُّ البارحةَ صحيحةُ اليدِ فأصبحْتُ شَلَّاءَ ! قالت عائشةُ : وما ذاك ؟ قال : كان لي أبوانِ مُوسرانِ ، كان أبي يعطي الزكاةَ ويُقري الضيفَ ويعطي السائلَ ولا يَحقِرْ من الخيرِ شيئًا إلا فعله ، وكانت أمي امرأةً بخيلةً مُمسكةً ، لا تصنع في مالِها خيرًا ، فمات أبي ثم ماتت أمي بعده بشهرَين ، فرأيتُ البارحةَ في منامي أبي وعليه ثوبانِ أصْفران ، بين يدَيه نهرٌ جارٍ ، قلتُ : يا أبَهْ ما هذا ؟ قال : يا بنيةُ ، من يعمل في هذه الدنيا خيرًا يرَه ، هذا أعطانيه اللهُ تعالى . قلتُ : فما فعلتْ أمي ؟ قال : وقد ماتت أمُّك ؟ قلتُ : نعم ، قال : هيهاتَ ! عُدِلت عنَّا ، فاذهبي فالتمِسيها ذاتَ الشِّمالِ ، فمِلْتُ عن شمالي ، فإذا أنا بأمي قائمةً عريانةً مُتَّزِرَةً بخِرقةٍ ، بيدِها شُحيمةٌ تنادي : والهْفاه ، واحسرَتاه ، واعطَشاه . فإذا بلغها الجهدُ دلكتْ تلك الشُّحَيمةُ براحتِها ثم لحسَتْها ، وإذا بين يدَيها نهرٌ جارٍ ، قلتُ : يا أماه ما لك تنادِين العطشَ ، وبين يدَيك نهرٌ جارٍ ؟ قالت : لا أُترَكُ أن أشربَ منه . قلتُ : أفلا أسقِيك ؟ قالت : وددتُ أنكِ فعلتِ ، فغرفتُ لها غُرفةً فسقَيتُها ، فلما شربت نادى مُنادٍ من ذاتِ اليمينِ : ألا من سقى هذه المرأةَ شُلَّت يمينُه مرتين – فأصبحْتُ شلَّاءَ اليمينِ ، لا أستطيعُ أن أعملَ بيميني . قالت لها عائشةُ : وعرفتِ الخِرقةَ ؟ قالت : نعم يا أمَّ المؤمنين ، وهي التي رأيتُها عليها ، ما رأيتُ أمي تصدَّقتْ بشيءٍ قطُّ ، إلا أنَّ أبي نحر ذاتَ يومٍ ثورًا ، فجاء سائلٌ فعمِدتْ أمي إلى عظمٍ عليه شُحَيمةٌ فناولَتْه إياه ، وما رأيتُها تصدَّقت بشيءٍ إلا أنَّ سائلًا جاء يسأل ، فعمِدت أمي إلى خِرقةٍ فناولتْها إياه . فكبَّرتْ عائشةُ – رضى اللهُ عنها – وقالت : صدق اللهُ وبلَّغَ رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّا يَرَهُ .
الراوي : - | المحدث : ابن رجب | المصدر : يتبع الميت ثلاث
الصفحة أو الرقم : 2/429 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن