الموسوعة الحديثية


- قال أبو جَهلٍ في مَلأٍ مِن قُرَيشٍ: لقدِ انتَشرَ علينا أَمْرُ مُحمدٍ، فلوِ التَمَستُم عالِمًا بالسِّحرِ والكَهانةِ والشِّعرِ، فكَلَّمَه، ثمَّ أتانا ببَيانٍ مِن أَمْرِه. فقال عُتبةُ: لقد سمِعتُ السِّحرَ والكَهانةَ والشِّعرَ، وعَلِمتُ مِن ذلكَ عِلْمًا، وما يَخفَى علَيَّ إنْ كان كذلكَ. فأتاه فقال له: يا مُحمَّدُ، أنتَ خَيرٌ أمْ هاشِمٌ؟ أنتَ خَيرٌ أمْ عبدُ المُطَّلِبِ؟ أنتَ خَيرٌ أمْ عبدُ اللهِ؟ فبمَ تَشتِمُ آلِهَتَنا، وتُضلِّلُ آباءَنا؟ فإنْ كُنتَ إنَّما بكَ الرِّئاسةُ عَقَدْنا لكَ ألوِيَتَنا، وكُنتَ رأْسَنا ما بَقيتَ، وإنْ كان بكَ الباءةُ زَوَّجْناكَ عَشرَ نِسوةٍ تَختارُهنَّ مِن أيِّ أبياتِ قُرَيشٍ شِئتَ، وإنْ كان بكَ المالُ جمَعْنا لكَ مِن أموالِنا ما تَستَغني به أنتَ وعَقِبُكَ مِن بَعدِكَ. ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ساكِتٌ لا يتكَلَّمُ، فلمَّا فرَغَ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا...} حتى بلَغَ: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 1-13]، فأمسَكَ عُتبةُ على فيه، وأنشَدَه الرَّحِمَ ليَكُفَّ عنه -لَفظُ ابنِ مَردَوَيْهِ- ورجَعَ إلى أهلِه، ولم يَخرُجْ إلى قُرَيشٍ، واحتَبسَ عنهم، فقال أبو جَهلٍ، يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، واللهِ ما نَرى عُتبةَ إلَّا قد صبَأَ إلى محمَّدٍ، وأعجَبَه كَلامُه، وما ذاكَ إلَّا مِن حاجةٍ أصابَتْه، انطَلِقوا بنا إليه. فأتَوْه، فقال أبو جَهلٍ: واللهِ يا عُتبةُ، ما حَسِبْنا إلَّا أنَّكَ صبَأْتَ إلى محمَّدٍ، وأعجَبَكَ أَمْرُه، فإنْ كانتْ بكَ حاجةٌ جَمَعْنا لكَ مِن أموالِنا ما يُغنيكَ عن طَعامِ محمَّدٍ. فغضِبَ، وأقسَمَ باللهِ لا يُكلِّمُ محمَّدًا أبَدًا، وقال: لقد عَلِمتُم أنِّي مِن أكثَرِ قُرَيشٍ مالًا، ولكِنِّي أتَيتُه... فقَصَّ عليهمُ القِصَّةَ، فأجابَني بشيءٍ ما هو بسِحرٍ، ولا شِعرٍ ولا كَهانةٍ، قَرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ...} حتى بلَغَ: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 1-13]، فأمسَكتُ بفيه، وناشَدتُه الرَّحِمَ أنْ يَكُفَّ، وقد عَلِمتُم أنَّ محمَّدًا إذا قال شَيئًا لم يَكذِبْ، فخِفتُ أنْ يَنزِلَ بكم العَذابُ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف
الصفحة أو الرقم : 3/228 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صالح
التخريج : أخرجه ابن أبي شيبة (37715)، وعبد بن حميد (1123)، وأبو يعلى (1818) بنحوه