الموسوعة الحديثية


- وقد أظَلَّكَ نَبيٌّ يَخرُجُ عندَ أهلِ هذا البَيْتِ، ويُبعَثُ بسَفكِ الدَّمِ. فلمَّا ذكَرَ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: لئِنْ كنتَ صدَقتَني يا سَلمانُ، لقد رَأيْتَ حَواريَّ عيسى. عُبَيدُ اللهِ بنُ موسى، وعَمرٌو العَنقَزيُّ، قالا: حدَّثَنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي قُرَّةَ الكِنديِّ، عن سَلمانَ، قال: كان أبي مِن الأساوِرةِ، فأسلَمَني في الكُتَّابِ، فكنتُ أختلِفُ، وكان معي غُلامانِ، فكانا إذا رَجَعا دَخَلا على قِسٍّ أو راهبٍ، فأدخُلُ معهما، فقال لهما: ألمْ أنهَكُما أنْ تُدخِلا علَيَّ أحدًا، أو تُعلِما بي أحدًا؟ فكنتُ أختلِفُ، حتى كنتُ أحَبَّ إليه منهما. فقال لي: يا سَلمانُ، إنِّي أُحِبُّ أنْ أخرُجَ مِن هذه الأرضِ. قُلتُ: فأنا معك. فأتى قَرْيةً، فنزَلَها، وكانتِ امرأةٌ تَختلِفُ إليه. فلمَّا حُضِرَ، قال: احفِرْ عندَ رَأْسي. فاستَخرَجتُ جَرَّةً مِن دَراهِمَ، فقال: ضَعْها على صَدري. قال: فجعَلَ يَضرِبُ بيَدِه على صَدرِه، ويقولُ: وَيلٌ للقَنَّائينَ. قال: ومات، فاجتمَعَ القِسِّيسونَ والرُّهْبانُ، وهمَمتُ أنْ أحتمِلَ المالَ، ثُمَّ إنَّ اللهَ عصَمَني، فقُلتُ لهم: إنَّه قد ترَكَ مالًا. فوَثَبَ شُبَّانٌ مِن أهلِ القَرْيةِ، فقالوا: هذا مالُ أبينا، كانتْ سُرِّيَّتُه تَختلِفُ إليه. فقُلتُ: يا مَعشَرَ القِسِّيسينَ والرُّهْبانِ! دُلُّوني على عالِمٍ أكونُ معه. قالوا: ما نَعلَمُ أحدًا أعلَمَ مِن راهبٍ بحِمصَ. فأتَيتُه، فقَصَصتُ عليه، فقال: ما جاء بك إلَّا طَلبُ العِلمِ؟ قُلتُ: نعمْ. قال: فإنِّي لا أعلَمُ أحدًا في الأرضِ أعلَمَ مِن رَجُلٍ يَأتي بَيْتَ المَقدِسِ كلَّ سَنةٍ في هذا الشَّهرِ، وإنِ انطلَقتَ وجَدتَ حِمارَه واقفًا. فانطلَقتُ، فوَجَدتُ حِمارَه واقفًا على بابِ بَيْتِ المَقدِسِ، فجلَستُ حتى خرَجَ، فقَصَصتُ عليه، فقال: اجلِسْ حتى أرجِعَ إليك. فذهَبَ، فلمْ يَرجِعْ إلى العامِ المُقبِلِ، فقُلتُ: ما صنَعتَ؟ قال: وإنَّكَ لهاهُنا بعدُ؟! قُلتُ: نعمْ. قال: فإنِّي لا أعلَمُ أحدًا في الأرضِ أعلَمَ مِن رَجُلٍ يَخرُجُ بأرضِ تَيماءَ، وهو نَبيٌّ، وهذا زَمانُه، وإنِ انطلَقتَ الآن وافَقتَه، وفيه ثَلاثٌ: خاتَمُ النُّبوَّةِ، ولا يَأكُلُ الصَّدقةَ، ويَأكُلُ الهَديَّةَ، خاتَمُ النُّبوَّةِ عندَ غُرضوفِ كَتِفِه، كأنَّها بَيضةُ حَمامةٍ، لَونُها لَونُ جِلدِه. فانطلَقتُ، فأصابَني قَومٌ مِن الأعرابِ، فاستَعبَدوني، فباعوني، حتى وقَعتُ إلى المدينةِ، فسمِعتُهم يَذكُرونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَألْتُ أهلي أنْ يَهَبوا لي يومًا، ففعَلوا. فخرَجتُ، فاحتَطَبتُ، فبِعتُه بشيءٍ يَسيرٍ، ثُمَّ جِئتُ بطَعامٍ اشتَرَيتُه، فوَضَعتُه بيْنَ يَدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما هذا؟ فقُلتُ: صَدقةٌ. فأبى أنْ يَأكُلَ، وأمَرَ أصحابَه فأكَلوا، وكان العَيشُ يومَئِذٍ عَزيزًا. فقُلتُ: هذه واحدةٌ. ثُمَّ أمكُثُ ما شاء اللهُ أنْ أمكُثَ، ثُمَّ قُلتُ لأهلي: هَبوا لي يومًا. فوَهَبوا لي يومًا، فخرَجتُ، فاحتَطَبتُ، فبِعتُه بأفضَلَ ممَّا كنتُ بِعتُ به -يَعني الأوَّلَ-، فاشتَرَيتُ به طَعامًا، ثُمَّ جِئتُ، فوَضَعتُه بيْنَ يَدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما هذا؟ قُلتُ: هَديَّةٌ. قال: كُلوا. وأكَلَ، قُلتُ: هذه أُخرى. ثُمَّ قُمتُ خَلْفَه، فوَضَعَ رِداءَه، فرَأيْتُ عندَ غُرضوفِ كَتِفِه خاتَمَ النُّبوَّةِ، فقُلتُ: أشهَدُ أنَّكَ رسولُ اللهِ! فقال: ما هذا؟ فحدَّثتُه، وقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، هذا الرَّاهبُ، أفي الجنَّةِ هو، وهو يَزعُمُ أنَّكَ نَبيُّ اللهِ؟ قال: إنَّه لنْ يَدخُلَ الجنَّةَ إلَّا نَفْسٌ مُسلمةٌ. فقُلتُ: إنَّه أخبَرَني أنَّكَ نَبيٌّ. فقال: إنَّه لنْ يَدخُلَ الجنَّةَ إلَّا نَفْسٌ مُسلمةٌ.
الراوي : عمر بن عبدالعزيز | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء
الصفحة أو الرقم : 1/512-514 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] أبو قرة لا يعرف. وباقي رجاله ثقات.