موسوعة الفرق

الفَرعُ الأوَّلُ: آراءُ اليَزيديَّةِ في الشَّيخِ عَديٍّ


ذَكَر إسماعيل بك -وهو من زُعَماءِ الطَّائِفةِ اليَزيديَّةِ في العَصرِ الحَديثِ- أنَّ الشَّيخَ عَديًّا سيَحمِلُ يَومَ القيامةِ جَميعَ اليَزيديِّينَ على طَبَقٍ يَضَعُه على رَأسِه، ويَدخُلُ به الجَنَّةَ، وتُغفَرُ لهمُ الذُّنوبُ القَليلةُ من غَيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ. ويَرى أنَّه كان مُبَجَّلًا كالنَّبيِّ. بل إنَّهم يَعتَبرونَه فوقَ مَقامِ النَّبيِّ؛ فيَرى بَعضُهم أنَّه منَ اللَّاهوتِ، ويَرى آخَرونَ أنَّه وزيرُ اللَّهِ، وأمورُ الأرضِ والسَّماءِ تَتَحَرَّكُ بتَدبيرِه، أو أنَّ حُكمَ السَّماءِ بيَدِ اللهِ، وحُكمَ الأرضِ بيَدِ الشَّيخِ عَديٍّ، أو أنَّه شَريكٌ مُعَزَّزٌ عِندَ اللهِ لا تُرفَضُ له رَغبةٌ، بل إنَّه الرُّوحُ المُقدَّسةُ والمُنَزَّهةُ للأنفُسِ، وهو يَحِلُّ على الأنبياءِ ويوحي إليهمُ الحَقائِقَ الدِّينيَّةَ، ويُخبرُهم بالغَيبِ، والأنبياءُ عِندَهم لا انقِطاعَ لهم [1785] يُنظر: ((اليزيدية قديمًا وحديثًا)) (ص: 95). .
ويمكِنُ استِخلاصُ ثَلاثِ فِرَقٍ حَولَ الشَّيخِ عَديٍّ:
الطَّائفةُ الأولى: فِرقةٌ مُغاليةٌ، تَعتَبرُ الشَّيخَ عَديًّا هو اللهُ نَفسُه. تعالى اللهُ عَمَّا يَقولونَ عُلوًّا كَبيرًا.
الطَّائفةُ الثَّانيةُ: تَقولُ: إنَّه شَريكٌ للَّهِ تعالى؛ فحُكمُ السَّماءِ بيَدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وحُكمُ الأرضِ بيَدِ الشَّيخِ عَديٍّ.
الطَّائفةُ الثَّالِثةُ: تَرى أنَّه ليس اللهَ ولا شَريكًا له، لكِنَّه عِندَ اللهِ بمَنزِلةِ الوزيرِ الأكبَرِ، لا يَصدُرُ منَ اللهِ أمرٌ إلَّا برَأيِه ومَشورَتِه.
وللشَّيخِ عَديٍّ مَقامٌ عَظيمٌ عِندَ اليَزيديَّةِ، وقَبرُه هو كَعبَتُهمُ التي يَحُجُّونَ إليها، وشَيخُهمُ الأعظَمُ سادِنُ مَقامِه، ولهم فيه مَزاعِمُ في مُصحَفِ رش؛ منها أنَّ اللهَ تعالى أرسَله من أرضِ الشَّامِ إلى لش، ومَفهومُ العِبارةِ أنَّ ذلك كان قَبلَ خَلقِ آدَمَ عليه السَّلامُ.
وفيه أنَّهم عِندَ إرسالِ السَّناجِقِ (الأعلامِ) إلى القُرى لجَمعِ الصَّدَقاتِ يُخرِجونَها من عِندِ قَبرِه باحتِفالٍ عَظيمٍ ورَقصٍ وغِناءٍ وزَمرٍ، ونَقرٍ على الدُّفوفِ والطُّبولِ، ويَعجِنونَ من تُرابِه بَنادِقَ (كُراتٍ صغيرةً) تُحمَلُ مَعَ السَّناجِقِ، فتُفرَّقُ في القُرى للتَّبَرُّكِ بها، وعِندَ عَقدِ الزَّواجِ يَأتونَ برَغيفٍ مِن دارِ شَيخِهم يَتَقاسَمُه العَروسانِ، فإن لم يوجَدِ اكتَفيا بسَفِّ شَيءٍ من تُرابِ الشَّيخِ، ومَن يَموتُ منهم يَجِبُ أن يَحضُرَه شَيخٌ من شُيوخِهمُ الذينَ هم من طَبَقةٍ مُعَيَّنةٍ ليَضَعَ في فيه شَيئًا من هذا التُّرابِ قَبلَ دَفنِه [1786] يُنظر: ((اليزيدية ومنشأ نحلتهم)) لتيمور (ص: 14). .

انظر أيضا: