موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّادِسُ: أعيادُ النُّصَيريَّةِ


للنُصَيريَّةِ أعيادٌ كثيرةٌ في أوقاتٍ كثيرةٍ، مِثلُ عيدِ الغَديرِ، وعيدِ الفِطرِ، وعيدِ الأضحى، وعيدِ عاشوراءَ، وعيدِ الغَديرِ الثَّاني يومَ المُباهَلةِ، وعيدِ النَّوروزِ، وعيدِ المَهرَجانِ، وعيدِ الصَّليبِ، وعيدِ الغطاسِ، وعيدِ السَّعَفِ، وعيدِ العنصرةِ، وعيدِ القِدِّيسةِ بَربارةَ، وعيدِ الميلادِ إلى آخِرِ، أعيادِهمُ الكثيرةِ التي وافقوا فيها المُسلمينَ والنَّصارى والوثَنيِّينَ [3664] ذكرَها الحلبيُّ بتوسُّعٍ في كتابِه ((طائفة النصيرية)) (ص: 71). .
وعنِ احتِفالاتِهم بعيدِ النَّوروزِ قال عَبدُ الحُسَينِ العَسكريُّ: (احتِفالُ النُّصَيريَّةِ بَعيدِ النَّوروزِ -وهو العيدُ الدِّينيُّ والقَوميُّ للفُرسِ- يدُلُّ على الأثَرِ الفارِسيِّ في النُّصَيريَّةِ، ويُشيرُ إلى تَمجيدِهم للفُرسِ بدَعوى حُلولِ الإلهِ وشَخَّصوه في مُلوكِهم، حتَّى إنَّهم جَعَلوا منهم ثالوثًا نَظيرَ ثالوثِهم، وهم يدَّعونَ الإسلامَ؛ حَيثُ زَعَموا أنَّ ثَلاثةً منهم تَوارَثوا الحِكمةَ وتَجَلَّى الإلهُ فيهم، وهم شروين، وكروين، وكِسرى، ويُقابلُهم في الإسلامِ النُّصَيريِّ: المَعنى والاسمُ والبابُ: عَليٌّ، مُحَمَّدٌ، سَلمانُ «ع.م.س») [3665] ((العلويون)) (ص: 104، 105). .
أمَّا أعيادُهم فيُمكِنُ تَقسيمُها إلى أربَعةِ أقسامٍ: إسلاميَّةٌ، وشيعيَّةٌ اثنَا عَشريَّةٍ، ونَصرانيَّةٌ، وفارِسيَّةٌ.
وهذا يُبَيِّنُ أنَّ النُّصَيريَّةَ تَتَكوَّنُ مِن عناصِرَ غَيرِ مُتَجانِسةٍ، وهَياكِلَ اعتِقاديَّةٍ مُختَلِفةٍ، استَقَت منها ومِن غَيرِها عَقائِدَها وتَقاليدَها، فبَينَما نَرى هذه الطَّائِفةَ تَحتَفِلُ بعيدَيِ الفِطرِ والأضحى، نَراها تَذهَبُ بعيدًا بَعدَ ذلك، وتَحتَفِلُ بعيدَيِ الميلادِ والبَربارةِ النَّصرانيَّينِ. وهم يعتَرِفونَ بذلك، وبَعضُ كُتَّابِهم يُقسِّمونَ هذه الأعيادَ إلى قِسمَينِ: عَرَبيٍّ وفارِسيٍّ، وفي أحَدِ مَخطوطاتِهم نَرى مُؤَلِّفَها يُقسِّمُ هذه الأعيادَ إلى قِسمَينِ، ويقولُ: أعيادُنا العَرَبيَّةُ عَشَرةٌ: منها يومُ غَديرِ خُمٍّ، وهو اليومُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِن ذي الحِجَّةِ وهو اليومُ الذي أظهَرَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ فيه مَعنَويَّةَ مَولانا أميرِ النَّحلِ منه السَّلامُ للخاصِّ والعامِّ، فأقَرَّ مَن أقَرَّ وأنكرَ مَن أنكرَ.
ومنها يومُ الجُمعةِ: وهو مُحَمَّدٌ الذي اجتَمَعَ له أهلُ الأديانِ مِنَ المُسلمينَ بنُبوَّتِه، وهو القائِمُ منه السَّلامُ.
ومنها يومُ الفِطرِ: وهو اليومُ الذي يُؤذَنُ فيه للمُؤمِنينَ بالنُّطقِ وإظهارِ أمرِ اللهِ عَزَّ وجَل.
ومنها يومُ الأضحى: وهو يومُ خُروجِ القايِم منه السَّلامُ بالسَّيفِ وإهراقِه الدِّماءَ.
ومنها يومُ الأحَدِ: وهو اليومُ الذي أمَرَ أميرُ المُؤمِنينَ منه الرَّحمةُ سَلمانَ أن يَدخُلَ المَسجِدَ ويخطُبَ النَّاسَ ويُظهرَ اللهُ الطَّاغوتَينِ وأهلَ الرِّدَّةِ، وهو اليومُ  الذي قال له سَلمانُ: سَلْ أُعطيك البَيانَ، وأمنَحُك البُرهانَ، وأقامَه للنَّاسِ عَلَمًا، وقال للمُؤمِنينَ: سَلمانُ شَجَرةٌ وأنتُم أعضاؤُها، وكان ذلك يومَ الأحَدِ لليلتَينِ خَلت مِن ذي الحِجَّةِ.
ومنها اليومُ الذي نَصَبَ السَّيِّدُ جَعفرٌ منه السَّلامُ (مُحَمَّد الزَّينيَّ): وأقامَه للنَّاسِ عَلَمًا، وقال: مَن كُنتُ له رَبًّا فمُحَمَّدٌ وليُّه، ومَن كان عَدوَّه فأنا عَدوُّه، وكان ذلك يومَ الثُّلاثاءِ لإحدى عَشرةَ ليلةً خَلت مِن ذي الحِجَّةِ.
ومنها اليومُ الذي أمَرَ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ بنُ عَلي الرِّضا منه السَّلامُ لعُمَرَ بنِ الفُراتِ مَقامَه فيكم مَقامَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى آلِه، فدَعا عُمَرُ بنُ الفُراتِ الشِّيعةَ بأمرِه، كان ذلك يومَ الخَميسِ لسِتِّ ليالٍ خَلونَ مِن ذي الحِجَّةِ.
ومنها اليومُ الذي أمَرَ الباقِرُ بالبَيانِ لجابِرٍ بالدُّعاءِ إلى اللهِ جَهرًا، فدَعا فأُخِذَ وتُرِك السِّندانُ المَحميُّ على يدِه حتَّى حالت جَمرًا، ثُمَّ قُتِلَ، وكان ذلك يومَ السَّبتِ لتِسعٍ خَلونَ مِن ذي الحِجَّةِ.
فهذه الأعيادُ العَرَبيَّةُ التي أمر اللهُ العِبادَ بمَعرِفتِها، وأمَّا الأعيادُ الفارِسيَّةُ:
النَّوروزُ: وهو اليومُ الرَّابعُ مِن نيسانَ مِن كُلِّ سَنةٍ، وله شَرَفٌ عَظيمٌ وفضلٌ كبيرٌ.
ويومُ المَهرَجانِ: وهو اليومُ السَّادِسَ عَشَرَ مِن تِشرينَ الأوَّلِ في كُلِّ سَنةٍ.
ومِن خَواصِّ الأعيادِ المَفروحِ فيها اليومُ التَّاسِعُ مِن شَهرِ رَبيعٍ الأوَّلِ في كُلِّ سَنةٍ يفرَحونَ فيه بمَقتَلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه.
واليومُ الحادي والعِشرونَ مِن ذي الحِجَّةِ هو يومُ المُباهَلةِ، ويومُ تِسعٍ وعِشرينَ مِن ذي الحِجَّةِ يومُ الفِراشِ.
وقد قامَ أحَدُ رُؤَسائِهم، وهو أبو سَعيدٍ الطَّبَرانيُّ، بتَأليفِ كِتابٍ حَولَ هذا المَوضوعِ أسماه (مَجموع الأعيادِ)، وهو كِتابٌ مَشهورٌ عِندَهم، وقد أورَدَ عَبدُ الرَّحمَن بَدَوي في كِتابِه (مَذاهِبُ الإسلاميِّينَ) عناوينَ فُصولِ هذا الكِتابِ ونموذجًا مِن مَواضيعِه [3666] يُنظر: (2/ 463- 466). ويُنظر: ((الحركات الباطنية)) للخطيب (ص: 411- 415). .
والنُّصَيريَّةُ تُبَرِّرُ احتِفالَها بَعيدِ النَّوروزِ، بما يروونَه عنِ المُفضَّلِ الجعفي قال: (قال سيِّدُ السَّاداتِ: إنَّه كان المَعنى [3667] اسمٌ يُطلِقونَه على الذَّاتِ الإلهيَّةِ؛ ولذا يُطلِقونه على عليِّ بنِ أبي طالبٍرَضِيَ اللهُ عنه. عَزَّ عِزُّه في زَمَنِ الفُرسِ يظهَرُ في كُلِّ عامٍ مَرَّتَينِ: في انقِضاءِ الحَرِّ مِنَ البَردِ، وفي انقِضاءِ البَردِ مِنَ الحَرِّ، فسُمِّي انقِضاءُ البَردِ مِنَ الحَرِّ النَّيروزَ، وسُمِّيَ انقِضاءُ الحَرَّ مِنَ البَردِ المَهرَجانَ، واتَّخَذوهما عيدَينِ لهما، وكان ذلك الوقتُإذا ظَهَرَ المَعنى الأكبَرُ في الأكوارِ ظَهَرَ بالأكلِ والشُّربِ في هَذَينِ اليومَينِ) [3668] ((مخطوط رقم 6182 ورقة 39 ب)) عن ((الحركات الباطنية)) للخطيب (ص: 415). .
واحتِفالُ النُّصَيريَّةِ بَعيدِ النَّوروزِ وعيدِ المَهرَجانِ، وهما عيدانِ دينيَّانِ للفُرسِ يدُلُّ على الأثَرِ الفارِسيِّ في النُّصَيريَّةِ، ويُشيرُ إلى تَمجيدِهم للفُرسِ [3669] يُنظر: ((العلويون أو النصيرية)) للعسكري (ص: 104، 105). .
وهناك أعيادٌ نَصرانيَّةٌ أُخرى لم تُذكَرْ، ولكِنَّهم يحتَفِلونَ بها، وهذا ظاهِرٌ لمَن يُخالِطُهم، ومنها: عيدُ البَربارةِ، والغطَّاسِ، والشَّعانين، والعنصرةِ، ومَريمَ المجدلانيَّةِ [3670] يُنظر: ((إسلام بلا مذاهب)) للشكعة (ص: 334). .

انظر أيضا: