الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الثَّاني: هل بِناءُ الأرضِ المُوصَى بها أو غَرسُها يُعتبَرُ رُجوعًا؟


إذا أوصَى المُوصي بأرضٍ ثمَّ بَناهَا أو غَرَسَها، فهلْ يُعتبَرُ رجوعًا في الوَصيَّةِ؟ اختَلَف العُلماءُ فيه على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: إذا أوصَى المُوصِي بأرضٍ ثمَّ بَناها أو غَرَسَها يُعتبَرُ رُجوعًا في الوَصيَّةِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [758] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/186)، ((الفتاوى الهندية)) (6/93). ، والشَّافعيَّةِ [759] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/81)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/72). ، والحَنابِلةِ -في أصحِّ الوَجهَينِ- [760] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/350)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/462). ، وهو قَولُ أشهَبَ مِن المالِكيَّةِ [761] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/429).
وذلك للآتي:
أولًا: لأنَّ بِناءَ الأرضِ وغَرْسَها يُرادُ للدَّوامِ؛ فيُشعِرُ بالصَّرفِ عنِ الوَصيَّةِ والإعراضِ عنها [762] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/462).
ثانيًا: لزَوالِ الاسمِ قبْلَ استِحقاقِ المُوصَى له؛ فكانَ كالتَّلفِ [763] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/72).
القَولُ الثَّاني: إذا أوصَى المُوصِي بأرضٍ ثمَّ بَناهَا أو غَرَسَها فلا يُعتبَرُ رُجوعًا في الوَصيَّةِ، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ [764] ((الشرح الكبير)) للدَّرْدِير (4/429)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/520). ، ووَجهٌ للحَنابِلةِ [765] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/161). ؛ وذلك لأنَّه يُمكِنُ الاشتِراكُ فيها قِياسًا على الوَصيَّةِ لزَيدٍ بدارٍ مَثلًا، ثمَّ يُوصِي بها لعَمرٍو؛ فلا يَبطُلُ إيصاؤُه بها لزَيدٍ، ويَشترِكانِ بالنِّصفِ فيها [766] ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/521).

انظر أيضا: