الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: نَفَقةُ المُطَلَّقةِ طَلاقًا بائِنًا وسُكناها في العِدَّةِ إذا كانت غيرَ حامِلٍ


لا يَجِبُ للمُعتَدَّةِ البائِنِ الحائِلِ (غيرِ الحامِلِ) السُّكنى ولا النَّفَقةُ [254]     وهو مَذهَبُ المالِكيَّة والشَّافِعيَّة في النَّفَقةِ. يُنظر: ((منح الجليل)) لعليش (4/400)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/553)، ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (10/40)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/381). ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [255]     ((المبدع)) لابن مفلح (8/168)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/465). ، وقَولُ بَعضِ السَّلَفِ [256]     قال ابنُ قدامة: (الروايةُ الثانيةُ: لا سُكنى لها ولا نَفَقةَ، وهي ظاهِرُ المَذهَب، وقولُ علي، وابن عباس، وجابر، وعطاء، وطاوس، والحسن، وعكرمة، وميمون بن مهران، وإسحاق، وأبي ثور، وداود). ((المغني)) (8/232). وقال ابنُ حجر: (ذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور: إلى أنَّه لا نَفَقةَ لها ولا سُكنى). ((فتح الباري)) (9/480). ، وقَولُ الظَّاهريَّةِ [257]     قال ابنُ حزم: (المُطَلَّقة ثلاثًا لا سُكنى لها ولا نَفَقةَ. قال أحمد: وبه أقول. قال أبو محمد -أي: ابن حزم-: وبه يقولُ إسحاق بن راهويه، وأبو سليمان، وجميع أصحابنا). ((المحلى)) (10/78). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/232). ، واختيارُ ابن عبد البر [258]     ينظر: ((التمهيد)) (19/141 - 143). ، وابنِ القَيِّم [259]     قال ابنُ القيم: ([فَصلٌ في حُكمِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الموافِقِ لكتابِ اللهِ أنَّه لا نَفَقةَ للمَبتوتةِ ولا سُكنى]. روى مسلمٌ في صحيحِه عن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ: أنَّ أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طَلَّقَها البتَّةَ وهو غائِبٌ...). ((زاد المعاد)) (5/466). ، والصَّنعانيِّ [260]     قال الصنعاني: (الحديثُ دَليلٌ على أنَّ المُطَلَّقةَ ثلاثًا ليس لها نَفَقةٌ ولا سُكنى... ولا يخفى ضَعفُ هذه المطاعِنِ في ردِّ الحديثِ؛ فالحَقُّ ما أفاده الحديثُ، وقد أطال ابنُ القَيِّمِ في ذلك في الهَدْي النبويِّ ناصِرًا للعَمَلِ بحديثِ فاطمةَ). ((سبل السلام)) (2/291). وقال: (تقدَّمَ أنَّه في حَقِّ المُطَلَّقةِ بائِنًا، وأنَّه لا نَفَقة لها). ((سبل السلام)) (2/324). ، والشَّوكانيِّ [261]     قال الشوكاني: (استدَلَّ بأحاديثِ البابِ مَن قال: إنَّ المُطَلَّقةَ بائنًا لا تستَحِقُّ على زَوجِها شَيئًا مِن النَّفَقةِ والسُّكنى، وقد ذهَبَ إلى ذلك أحمَدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَورٍ، وداودُ، وأتباعُهم، وحكاه في البَحرِ عن ابنِ عبَّاسٍ، والحَسَنِ البَصريِّ، وعطاءٍ، والشَّعبيِّ، وابنِ أبي ليلى، والأوزاعيِّ...) وحكى أقوالًا أُخَرَ، ثم قال: (وأرجَحُ هذه الأقوالِ: الأوَّلُ؛ لِما في البابِ مِن النَّصِّ الصَّحيحِ الصَّريحِ). ((نيل الأوطار)) (6/357-359). ، والشِّنقيطيِّ [262]     قال الشنقيطي: (البائِنُ بالطَّلاقِ لا تجِبُ لها النَّفَقةُ والسُّكنى على أصَحِّ الأقوالِ دَليلًا، فعُلِمَ أنَّ عدَمَ النَّفَقة والسُّكنى لا يتوقَّفُ على عدَمِ الطَّلاقِ. وأوضَحُ دليلٍ في ذلك ما صَحَّ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حديثِ فاِطمةَ بنتِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها). ((أضواء البيان)) (1/107، 108). ، وابنِ باز [263]     قال ابنُ باز: (حديثُ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ القُرَشيَّةِ الفِهريَّةِ: أنَّ زَوجَها أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طَلَّقَها البتَّةَ وهو في اليَمَنِ؛ طلَّقَها ثلاثًا الطَّلقةَ الأخيرة، فأرسل إليها وكيلَه بشَعيرٍ فسَخِطَته، فاشتكَت إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: «ليس لكِ عليه نَفَقةٌ ولا سُكنى»، فدَلَّ ذلك على أنَّ المرأةَ إذا طُلِّقَت طلقةً أخيرةً ثالثةً بائنةً لا يكونُ لها سكَنٌ ولا نَفَقةٌ على زَوجِها، وإنَّما لها النَّفَقةُ والسُّكنى إذا كانت رجعيَّةً له رَجْعَتُها؛ إذا طَلَّقها واحدةً أو اثنتينِ فله رجعَتُها، ولها النَّفَقةُ حتى تعتَدَّ). ((الإفهام في شرح عمدة الأحكام)) (ص: 638).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ الطلاق: 6.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دليلٌ  على أنَّه لا نفقةَ لغير الحامل [264]     ((التمهيد)) لابن عبد البر (19/143).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ: ((أنَّه طَلَّقَها زَوجُها في عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان أنفَقَ عليها نَفَقةَ دُونٍ، فلمَّا رأت ذلك قالت: واللهِ لأُعلِمَنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإن كان لي نَفَقةٌ أخذْتُ الذي يُصلِحُني، وإنْ لم تكُنْ لي نَفَقةٌ لم آخُذْ منه شَيئًا، قالت: فذكَرْتُ ذلك لرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: لا نَفَقةَ لكِ، ولا سُكنى )) [265]     رواه مسلم (1480).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحَديثَ نَصٌّ صَريحٌ صَحيحٌ في أنَّ البائِنَ بالطَّلاقِ لا نَفَقةَ لها ولا سُكنى [266]     ((سبل السلام)) للصنعاني (2/291)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/108).

انظر أيضا: