الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الخَامس: تزويجُ الأبِ ابنَتَه بأقَلَّ مِن صَداقِ مِثلِها


يجوزُ تَزويجُ الأبِ ابنَتَه البِكرَ والثيِّبَ بأقَلَّ مِن مَهرِ مِثلِها، كبيرةً كانت أو صغيرةً، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ [1126]   ((الإنصاف)) للمرداوي (8/185)، ((الإقناع)) للحجاوي (3/213). ، واختيارُ ابنِ عثيمين، بشَرطِ مُراعاةِ مَصلحةِ البِنتِ [1127]   إذا كان فيه مراعاةٌ لمصلحةِ البنتِ، أما إذا كان مجرَّدَ هوًى فلا يجوزُ إلَّا برضاها، قال ابن عثيمين: (وقوله: «ولو ثيِّبًا» إشارةُ خلاف؛ لأنَّ بعض العلماء قال: إذا زوَّجَ ابنَتَه الثيِّبَ بأقَلَّ مِن مهر المِثلِ لم يصِحَّ؛ لأنَّ الثيِّبَ تَملِكُ نفسَها، ولا يمكِنُ أن يُجبِرَها أبوها، فإذا كان لا يُجبِرُها لم يجبِرْها على مَهرٍ دونَ مَهرِ مِثلِها، ولكِنَّ الصَّحيحَ أنَّه لا فرقَ، وأنَّه إذا زوَّجَ ابنَتَه بأقلَّ مِن مَهرِ المِثلِ فلا بأسَ، والتَّسميةُ صحيحةٌ؛ لِمراعاة مصلحة البنتِ، أمَّا مجرَّد هوى فإنَّ هذا لا يجوزُ إلَّا برضاها، سواءٌ كانت بِكرًا أم ثيِّبًا). ((الشرح الممتع)) (12/281).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن أبي العَجفاءِ السُّلَميِّ قال: خطَبَنا عُمَرُ رَضِيَ الله عنه فقال: (ألَا لا تُغالوا بصُدُقِ النِّساءِ؛ فإنَّها لو كانت مَكرُمةً في الدُّنيا أو تقوى عندَ اللهِ، لكان أولاكم بها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ما أصدَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم امرأةً مِن نسائِه ولا أُصدِقَت امرأةٌ مِن بناتِه أكثَرَ مِن ثِنتَي عَشْرةَ أوقيَّةً ) [1128]   أخرجه أبو داود (2106) واللفظ له، والترمذي (1114)، والنسائي (3349)، وابن ماجه (1887)، وأحمد (285). قال الترمذي: حسن صحيح. وكذا الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2106)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/145).
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ذلك كان بمَحضَرٍ مِن الصَّحابةِ ولم يُنكِروه؛ فكان اتِّفاقًا منهم على أنَّ له أن يزوِّجَ بذلك، وإن كان دونَ صَداقِ المِثلِ [1129]   ((المغني)) لابن قدامة (7/49).
ثانيًا: لأنَّه ليس المقصودُ مِن النِّكاحِ العِوَضَ، وإنما المقصودُ السَّكَنُ والازدواجُ، ووضْعُ المرأةِ في مَنصِبٍ عندَ مَن يكفيها ويَصونُها ويُحسِنُ عِشرَتَها؛ فهو يفارق سائر عقود المعاوضات [1130]   ((المغني)) لابن قدامة (7/49).
ثالثًا: لأن الظَّاهِرَ مِن الأبِ مع تمامِ شَفَقتِه وبُلوغِ نظَرِه: أنَّه لا يَنقُصُها مِن صَداقِها إلَّا لِتَحصيلِ المعاني المقصودةِ بالنِّكاحِ؛ فلا ينبغي أن يُمنَعَ مِن تَحصيلِ المَقصودِ بتَفويتِ غَيرِه [1131]   ((المغني)) لابن قدامة (7/49).

انظر أيضا: