الموسوعة الفقهية

المطلب الأول: لُبسُ الرَّقيقِ الذي يَشِفُّ


يَحرُمُ على الرِّجالِ والنِّساءِ لُبسُ اللِّباسِ الشَّفافِ الذي يَصِفُ البَدَنَ مُبَيِّنًا للعَورةِ [95] باستثناء الزَّوجينِ. ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعة: الحَنَفيَّة [96] ((حاشية ابن عابدين)) (1/410). ، والمالكيَّة [97] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/452). ، والشَّافعيَّة [98] ((المجموع)) للنَّوويِّ (3/170). ، والحنابلة [99] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (1/315، 316)، ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (1/264).
الأدِلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُريرةَ رضِي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صِنفانِ مِن أهلِ النَّارِ لم أرَهما: قَومٌ معهم سِياطٌ كأذنابِ البَقَرِ يَضرِبونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤوسُهنَّ كأسنِمةِ البُختِ المائِلةِ، لا يَدخُلْنَ الجنَّةَ، ولا يَجِدْنَ ريحَها، وإنَّ ريحَها لَيُوجَدُ مِن مسيرةِ كذا وكذا )) [100] أخرجه مُسْلِم (2128).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كاسِياتٌ عارياتٌ)) أي: يلبَسْنَ ثوبًا رقيقًا يَصِفُ لونَ بدنِهنَّ، فهُنَّ كاسِياتٌ عارياتٌ في المعنى؛ لأنَّ تلك الثِّيابَ لا تُواري منهنَّ ما ينبغي لهنَّ أن يَستُرْنَه من أجسادِهنَّ [101] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطَّا)) للباجيِّ (7/224)، ((المسالك في شرح موطأ مالك)) لابن العَرَبيِّ (7/289)، ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/110).
2- عن بَهزِ بنِ حكيمٍ عن أبيه عن جَدِّه رَضِيَ اللهُ عنه قال: قلتُ: ((يا رسولَ اللهِ، عَوْراتُنا ما نأتي منها وما نذَرُ؟ قال: احفَظْ عَورَتَك إلَّا مِن زَوجتِك أو ما ملَكَت يمينُك. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان القَومُ بعضُهم فى بعضٍ؟ قال: إنِ استطَعْتَ أنْ لا يريَنَّها أحدٌ فلا يريَنَّها. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحَقُّ أن يُستَحيا منه مِن النَّاسِ )) [102] أخرج البخاري آخِرَه مُعلَّقًا مُختَصَرًا بصيغة الجزمِ قبل حديث (278)، وأخرجه موصولًا أبو داود (4017) واللَّفظُ له، والتِّرمذي (2769)، والنَّسائيُّ في ((السنن الكبرى)) (8972)، وابنُ ماجه (1920)، وأحمد (20034). حسَّنه التِّرمذي، وصحَّحه ابنُ القَطَّان في ((إحكام النظر)) (94)، وابنُ القيِّم في ((تهذيب السنن)) (11/56)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (21/337): ثابتٌ، وقال محمد بن عبد الهادي في ((المحرَّر)) (99): إسنادُه ثابتٌ إلى بهز، وهو ثقةٌ عند الجمهور، وحسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح التِّرمذي)) (2794)، وابنُ باز كما في ((الفوائد العلميَّة من الدروس البازيَّة)) (6/104).
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه وجوبُ سَترِ العَورةِ عن أعيُنِ النَّاظرينَ بما لا يَصِفُ البَشَرةَ [103] ((شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة)) لابن تَيميَّةَ (ص: 255). ؛ لأنَّ الثِّيابَ الشَّفَّافةَ التي تَصِفُ البَشَرةَ غيرُ ساترةٍ، ووجُودُها كعَدَمِها [104] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/264).

انظر أيضا: