موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشَرَ: أخطاءٌ شائعةٌ حَولَ الكَرَمِ والجُودِ والسَّخاءِ والبَذْلِ


1- اعتقادُ أنَّ الكَرَمَ مقصورٌ على بَذلِ المالِ فقط، وهذا خطَأٌ؛ قال ابنُ عُثَيمين: (الكَرَمُ ليس كما يظنُّه بعضُ النَّاسِ أنَّه بذلُ المالِ فقط، بل الكَرَمُ يكونُ في بَذلِ النَّفسِ، وفي بَذلِ الجاهِ، وفي بَذلِ المالِ، وفي بَذلِ العِلمِ) [2871] يُنظَر: ((مكارم الأخلاق)) لابن عثيمين (ص: 25). .
2- اعتقادُ أنَّ الكَرَمَ والجُودَ هو بَذلُ المالِ ولو في غيرِ محَلِّه، وهذا خطأٌ؛ فينبغي أن يكون البَذْلُ في محَلِّه، فـ (حَدُّ الجُودِ وغايتُه أن يُبذَلَ الفَضلُ كُلُّه في وجوهِ البِرِّ، وأفضَلُ ذلك في الجارِ المحتاجِ، وذي الرَّحِمِ الفقيرِ، وذي النِّعمةِ الذَّاهِبةِ، والأحضَرِ فاقةً، ومنعُ الفَضلِ من هذه الوُجوهِ داخِلٌ في البُخلِ، وعلى قَدْرِ التَّقصيرِ والتَّوسُّعِ في ذلك يكونُ المدحُ والذَّمُّ، وما وُضِع في غيرِ هذه الوُجوهِ فهو تبذيرٌ، وهو مذمومٌ) [2872] يُنظَر: ((الأخلاق والسير في مداواة النفوس)) لابن حزم الأندلسي (ص: 79). .
3- قولُ بعضِهم: حَدُّ الجُودِ بَذلُ الموجُودِ، فيه نظَرٌ؛ قال ابنُ القَيِّمِ: (وحَدُّ السَّخاءِ بَذلُ ما يُحتاجُ إليه عندَ الحاجةِ، وأن يُوصَلَ ذلك إلى مُستَحِقِّه بقَدْرِ الطَّاقةِ، وليس كما قال البعضُ ممَّن نَقَص عِلمُه: حَدُّ الجُودِ بَذلُ الموجُودِ. ولو كان كما قال هذا القائِلُ لارتفَعَ اسمُ السَّرَفِ والتَّبذيرِ، وقد ورد الكتابُ بذَمِّهما، وجاءت السُّنَّةُ بالنَّهيِ عنهما، وإذا كان السَّخاءُ محمودًا فمن وقف على حَدِّه سُمِّيَ كريمًا، وكان للحَمدِ مُستوجِبًا، ومن قصَّر عنه كان بخيلًا، وكان للذَّمِّ مُستوجِبًا) [2873] يُنظَر: ((الوابل الصيب)) لابن القيم (ص: 53). .
4- من الخطَأِ إتباعُ النَّفَقةِ والبَذْلِ والعَطاءِ بالمَنِّ والأذى؛ فإنَّ الذي يَبذُلُ أموالَه في أوجُهِ الخَيرِ ابتغاءَ مَرضاةِ اللهِ تعالى، لا يمتَنُّ على من أنفَق عليه، كأن يخبِرَه بأنَّه تفضَّل عليه بمنحِه شيئًا، وأنَّه مَدينٌ له لقاءَ مَعروفِه، ولا يؤذيه بقولٍ أو فِعلٍ ينافي ما قدَّمه له من إحسانٍ، فذلك محظورٌ؛ لِما فيه من تكبُّرِ المنفِقِ واستعلائِه، ورغبتِه في استعبادِ المُنفَقِ عليه، وكَسْرِ قَلبِه وإذلالِه، بل على المعطي في سبيلِ اللهِ تعالى أن يشهَدَ دائمًا أنَّ المتفَضِّلَ والمُنعِمَ حقيقةً هو اللهُ تعالى وَحْدَه، وعليه أن يتفكَّرَ أيضًا في أنَّ أجرَه على اللهِ تعالى بأضعافِ ما أعطى، فأيُّ حَقٍّ بَقِيَ له على الآخذِ المحتاجِ حتى يمتَنَّ عليه، أو يؤذيَه بصنائِعِ مَعروفِه [2874] يُنظَر: ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (4/655)، ((طريق الهجرتين)) لابن القيم (ص: 365)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/693)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 113). .

انظر أيضا: