موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا: أخطاءٌ شائعةٌ حولَ الاحترامِ والتَّوقيرِ


1- وجوبُ احترامِ جميعِ الأديانِ والأفكارِ والمعتَقَداتِ، وأنَّ ذلك نوعٌ من إظهارِ السَّماحةِ، وهذا اعتقادٌ خَطَأٌ، فلا يحِلُّ لمُسلِمٍ أن يحتَرِمَ الأديانَ الباطلةَ، ولا المِلَلَ المنحَرِفةَ، ولا الأفكارَ الخبيثةَ الرَّاميةَ لتضليلِ النَّاسِ وغِوايتِهم، وكذا لا يجِبُ على المُسلِمِ احترامُ الكافِرِ لكُفرِه، أو المبتَدِعَ في بدعتِه، أو الفاسِقَ في فِسقِه، بل الواجِبُ على المُسلِمِ الاستخفافُ بكُفرِ الكافِرِ وبدعةِ المبتَدِعِ وفِسقِ الفاسِقِ، وكذلك الاستخفافُ بالأديانِ الباطِلةِ والمِلَلِ المنحَرِفةِ، وعَدَمُ احترامِها، واعتقادُ ذلك بَيْنَ المُسلِمين أفرادًا وجماعاتٍ إذا عَلِم تحريفَها، وهذا من الدِّينِ؛ لأنَّه استخفافٌ بكُفرٍ أو بباطِلٍ [110] يُنظَر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (3/ 248). .
2- الغُلُوُّ في احترامِ العُلَماءِ والمبالغةُ في إطرائِهم، بحيثُ يَغلِبُ على الظَّنِّ عِصمةُ آرائِهم وصِحَّةُ أقوالِهم مُطلَقًا، والتَّعصُّبُ لتلك الآراءِ والمذاهِبِ والدِّفاعُ عنها اعتقادًا أنَّ ذلك من احترامِهم وتوقيرِهم، وكُلُّ ذلك خطَأٌ، بل إنَّ من احترامِ العُلَماءِ نُصحَهم في الدِّينِ بعِلمٍ وحِكمةٍ والاعتقادَ بجوازِ الخَطَأِ منهم، ومخالفتَهم إن تُيُقِّنَ خَطؤُهم.
قال ابنُ تَيميَّةَ: (الواجِبُ أن يُقَدِّمَ مَن قَدَّمه اللَّهُ ورسولُه، ويؤخِّرَ مَن أخَّره اللَّهُ ورسولُه، ويحِبَّ ما أحبَّه اللَّهُ ورسولُه، ويُبغِضَ ما أبغضَه اللَّهُ ورسولُه، وينهى عمَّا نهى اللَّهُ عنه ورسولُه، وأن يرضى بما رَضِيَ اللَّهُ به ورسولُه، وأن يكونَ المُسلِمون يدًا واحدةً، فكيف إذا بلَغ الأمرُ ببعضِ النَّاسِ إلى أن يُضَلِّلَ غيرَه ويُكَفِّرَه، وقد يكونُ الصَّوابُ معه وهو الموافِقُ للكتابِ والسُّنَّةِ!) [111] ((مجموع الفتاوى)) (3/420). .
وقال الزُّرقانيُّ: (اعلَمْ أنَّ هناك أفرادًا بل أقوامًا تعَصَّبوا لآرائِهم ومذاهِبِهم، وزعَموا أنَّ مَن خالَف هذه الآراءَ والمذاهِبَ كان مبتَدِعًا متَّبِعًا لهواه، ولو كان متأوِّلًا تأويلًا سائغًا يتَّسِعُ له الدَّليلُ والبرهانُ، كأنَّ رأيَهم ومذهَبَهم هو المقياسُ والميزانُ، أو كأنَّه الكتابُ والسُّنَّةُ والإسلامُ، وهكذا استزَلَّهم الشَّيطانُ وأعماهم الغُرورُ) [112] ((مناهل العرفان)) (2/ 35). .

انظر أيضا: