موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفرقُ بَينَ الغَضَبِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفرقُ بَينَ الغَضَبِ والسَّخَطِ:
(أنَّ الغَضَبَ يكونُ مِن الصَّغيرِ على الكبيرِ، ومِن الكبيرِ على الصَّغيرِ.
 والسَّخَطُ لا يكونُ إلَّا مِن الكبيرِ على الصَّغيرِ، يُقالُ: سَخِط الأميرُ على الحاجِبِ، ولا يُقالُ: سَخِطَ الحاجِبُ على الأميرِ، ويُستَعمَلُ الغَضَبُ فيهما.
 والسَّخَطُ إذا عَدَّيتَه بنَفسِه فهو خِلافُ الرِّضا، يُقال: رَضِيَه وسَخِطَه، وإذا عَدَّيتَه بعلى فهو بمَعنى الغَضَبِ، تَقولُ: سَخِطَ اللهُ عليه: إذا أرادَ عِقابَه) [5247] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 386). .
الفرقُ بَينَ الغَضَبِ والغَيظِ:
قيل: (الغَيظُ فوقَ الغَضَبِ، وقد فصَّل قَومٌ مِن أهلِ اللُّغةِ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ فقالوا: الغَيظُ أشَدُّ مِن الغَضَبِ، وقال قَومٌ: الغَيظُ سَورةُ الغَضَبِ وأوَّلُه) [5248] ((جمهرة اللغة)) (2/932). .
وقيل: الغَيظُ أشَدُّ الغَضَبِ؛ فعلى ذلك فهو أخَصُّ مِن الغَضَبِ؛ فكُلُّ غَيظٍ غَضَبٌ، وليس كُلُّ غَضَبٍ غَيظًا [5249] ((عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ)) للسمين (3/189). .
وقيل: الفَرقُ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ: أنَّ الغَضَبَ يتبَعُه إرادةُ الانتِقامِ البَتَّةَ، ولا كذلك الغَيظُ [5250] ((تفسير الألوسي)) (2/272). .
وأيضًا قيل في الفرقِ بَينَهما: (إنَّ الإنسانَ يجوزُ أن يغتاظَ مِن نَفسِه، ولا يجوزُ أن يَغضَبَ عليها؛ وذلك أنَّ الغَضَبَ إرادةُ الضَّرَرِ للمَغضوبِ عليه، ولا يجوزُ أن يُريدَ الإنسانُ الضَّرَرَ لنَفسِه، والغَيظُ يقرُبُ مِن بابِ الغَمِّ) [5251] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 391). .
الفرقُ بَينَ الغَضَب والاشتياطِ:
(أنَّ الاشتياطَ خِفَّةٌ تَلحَقُ الإنسانَ عِندَ الغَضَبِ، وهو في الغَضَبِ كالطَّرَبِ في الفرَحِ، وقد يُستَعمَلُ الطَّرَبُ في الخِفَّةِ التي تَعتَري مِن الحُزنِ، والاشتياطُ لا يُستَعمَلُ إلَّا في الغَضَبِ، ويجوزُ أن يُقالَ: الاشتياطُ سُرعةُ الغَضَبِ) [5252] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 54). .
الفرقُ بَينَ الغَضَبِ والحُزنِ:
أنَّ (سَبَبَ الغَضَبِ هُجومُ ما تَكرَهُه النَّفسُ مِمَّن دونَها، وسَبَبُ الحُزنِ هجومُ ما تَكرَهُه النَّفسُ مِمَّن فوقَها.
 والغَضَبُ يتَحَرَّكُ مِن داخِلِ الجَسَدِ إلى خارِجِه، والحُزنُ يتَحَرَّكُ مِن خارِجِ الجَسَدِ إلى داخِلِه.
 فلذلك قَتَل الحُزنُ ولم يقتُلِ الغَضَبُ؛ لبُروزِ الغَضَبِ وكُمونِ الحُزنِ.
 وصارَ الحادِثُ عن الغَضَبِ السَّطوةَ والانتِقامَ لبُروزِه، والحادِثُ عن الحُزنِ المَرَضَ والأسقامَ لكُمونِه.
 ولذلك أفضى الحُزنُ إلى المَوتِ، ولم يُفضِ إليه الغَضَبُ.
 فهذا فرقُ ما بَينَ الحُزنِ والغَضَبِ) [5253] ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 258). .
فـ ((المُؤلمُ إن كان مِمَّا يُمكِنُ دَفعُه أثارَ الغَضَبَ، وإن كان مِمَّا لا يُمكِنُ دَفعُه أثارَ الحُزنَ؛ ولهذا يحمَرُّ الوَجهُ عِندَ الغَضَبِ لثَورانِ الدَّمِ عِندَ استِشعارِ القُدرةِ، ويصفرُّ عِندَ الحُزنِ لغَورِ الدَّمِ عِندَ استِشعارِ العَجزِ) [5254] ((الاستقامة)) (2/271). .

انظر أيضا: