موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا: أخطاءٌ شائعةٌ


1- بعضُ الطَّلبةِ في الاختباراتِ قد يُمَرِّرُ إجاباتِ بعضِ الأسئلةِ لزُمَلائِه؛ لعَدَمِ قُدرتِهم على حَلِّها، ويَعُدُّ هذا من بابِ المساعدةِ والإعانةِ لهم وتفريجِ كُرَبِهم، ومِن حُقوقِ الصَّداقةِ والأُخُوَّةِ، وليس الأمرُ كذلك، بل هذا يُعَدُّ من بابِ التَّعاوُنِ على الإثمِ.
قال ابنُ عُثَيمين: (لا يجوزُ للطَّالِبِ أن يساعِدَ زميلَه في الامتحانِ أبدًا؛ لأنَّ ذلك من خيانةِ الأمانةِ؛ فالجهاتُ المسؤولةُ لا ترضى بذلك، وهو في الحقيقةِ ظُلمٌ للطَّالبِ المُعانِ، وظُلمٌ للطَّالبِ المُعينِ، وجنايةٌ على الجهةِ المسؤولةِ التي هو تحتَ رعايتِها، وجنايةٌ على الأمَّةِ جَمعاءَ، أمَّا كونُه ظُلمًا للطَّالِبِ المعانِ؛ فلأنَّنا أعنَّاه على أمرٍ محَرَّمٍ عليه، وهو الغِشُّ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وعلى آله وسلَّم: ((مَن غَشَّ فليس مِنَّا)) [5214] رواه مسلم (101) مطوَّلًا من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، وأمَّا كونُه ظُلمًا للمُعينِ؛ فلأنَّه ظَلَم نفسَه بالمعصيةِ؛ حيثُ أعان على معصيةٍ، والمُعينُ على معصيةٍ كالفاعِلِ لها...، وأمَّا كونُه خيانةً للجِهاتِ المسؤولةِ التي هو تحتَ رعايتِها؛ فلأنَّ الجهاتِ المسؤولةَ لا ترضى بهذا إطلاقًا؛ ولهذا تَضَعُ المراقبين والملاحِظين على الطُّلَّابِ في وقتِ الامتحانِ، وأمَّا كونُه خيانةً للأمَّةِ كُلِّها؛ فلأنَّ الأمَّةَ إذا كان مستوى متعلِّميها على هذا -أي: على الغِشِّ والجَهلِ- كان في ذلك دَمارٌ للأمَّةِ، وبَقِيت الأمَّةُ محتاجةً إلى غيرِها دائمًا وأبدًا...، فنصيحتي لإخواني الطَّلبةِ أن يتَّقوا اللَّهَ عزَّ وجَلَّ في هذا الأمرِ، وألَّا يُعينَ بعضُهم بعضًا...، وكذلك أنصَحُ إخواني الملاحِظين الذين يراقِبون الطَّلَبةَ أن يتَّقوا اللَّهَ عزَّ وجَلَّ، وألَّا تأخُذَهم في اللَّهِ لومةُ لائمٍ، وأن لا يُحابوا غَنيًّا لغِناه، ولا فقيرًا لفَقرِه، ولا ضعيفًا لضَعفِه، ولا قويًّا لقُوَّتِه، عليهم أن يلاحِظوا أتَمَّ ملاحظةٍ، وأن يكرِّسوا جُهودَهم سمعًا وبَصَرًا وفِكرًا، وألَّا يتشاغَلَ بعضُهم بالحديثِ إلى بعضٍ في حالِ المراقبةِ والملاحظةِ؛ لأنَّهم مسؤولون عن ذلك أمامَ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ، ثمَّ أمامَ الدَّولةِ، ثمَّ أمامَ الأمَّةِ، فلا يُفَرِّطوا في هذه الأمانةِ التي حَمَلوها) [5215] ((فتاوى نور على الدرب)) (12/514). .
2- بعضُ النَّاسِ يُشَجِّعُه على فِعلِ بَعضِ صُوَرِ الغِشِّ انتشارُها وشُيوعُها، وبعضُهم يَعُدُّها من الذَّكاءِ وحُسنِ التَّصرُّفِ لطَلَبِ المعاشِ واكتسابِ الرِّزقِ، ولا شَكَّ أنَّ هذا من الخطأِ؛ فالغِشُّ مُحرَّمٌ، ولا يحَلِّلُه ارتكابُ أكثَرِ النَّاسِ له، والرِّزقُ مقسومٌ، وينبغي للمُسلِمِ أن يأخُذَ ما حَلَّ، وأن يَدَعَ ما حَرُمَ. 

انظر أيضا: