موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت: ((أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أناسٌ من اليهودِ، فقالوا: السَّامُ عليك يا أبا القاسِمِ. قال: وعليكم. قالت عائشةُ: قُلتُ: بل عليكم السَّامُ والذَّامُ! فقال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عائشةُ، لا تكوني فاحِشةً. فقالت: ما سمعتَ ما قالوا؟ فقال: أوَليسَ قد ردَدْتُ عليهم الذي قالوا؟! قُلتُ: وعليكم)) [4885] رواه البخاري (6401)، ومسلم (2165) واللفظ له. .
والمرادُ بالفُحشِ هنا هو: (عُدوانُ الجوابِ) [4886] ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 600). .
- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُستبَّانِ ما قالا فعلى البادئِ، ما لم يعتَدِ المظلومُ)) [4887] رواه مسلم (2587). .
قال النَّوويُّ: (معناه أنَّ إثمَ السِّبابِ الواقِعِ من اثنينِ مختَصٌّ بالبادئِ منهما كُلِّه، إلَّا أن يتجاوَزَ الثَّاني قَدْرَ الانتصارِ، فيقولَ للبادِئِ أكثَرَ ممَّا قال له) [4888] ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (16/140، 141). .
- عن عَبدِ اللَّهِ بنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه ((أنَّه سَمِع ابنَه يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك القَصرَ الأبيضَ عن يمينِ الجنَّةِ إذا دخَلْتُها. فقال: أيْ بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الجنَّةَ، وتعَوَّذْ به من النَّارِ؛ فإنِّي سمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: إنَّه سيكونُ في هذه الأمَّةِ قومٌ يَعتَدون في الطُّهورِ والدُّعاءِ)) [4889] رواه أبو داود (96) واللفظ له، وابن ماجه (3864)، وأحمد (16801). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (6763)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/599)، وابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/223) .
قال القاريُّ: (... «قومٌ يَعتَدُونَ» -بتخفيفِ الدَّالِ-: يتجاوَزون عن الحَدِّ الشَّرعيِّ... والاعتداءُ في الدُّعاءِ يكونُ من وُجوهٍ كثيرةٍ، والأصلُ فيه أن يتجاوَزَ عن موقِفِ الافتقارِ إلى بِساطِ الانبِساطِ، ويميلَ إلى أحَدِ طَرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ في خاصَّةِ نفسِه، وفي غيرِه إذا دعا له أو عليه، والاعتداءُ في الطَّهورِ استعمالُه فوقَ الحاجةِ، والمبالغةُ في تحَرِّي طُهوريَّتِه حتَّى يُفضيَ إلى الوَساوِسِ) [4890] ((مرقاة المفاتيح)) (2/416). .

انظر أيضا: