موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


- قال تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: 1 - 10] .
افتَتَح اللهُ تعالى هذه السُّورةَ الكريمةَ بمُعاتَبةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِتابًا رقيقًا، فقال: قَطَّبَ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَجْهَه، وأعرَضَ؛ بسَبَبِ مَجيءِ الرَّجُلِ الأعمى إليه، وهو مَشغولٌ بدَعوةِ رَجُلٍ مِن أشرافِ قُرَيشٍ، وما يُدْرِيك -يا مُحمَّدُ- لعَلَّ هذا الأعمى يتطَهَّرُ مِن ذُنوبِه بما يتعَلَّمُه مِنَ القُرآنِ منك، أو يتذَكَّرُ؛ فيَتَّعِظَ ويَعتَبِرَ بما يَسمَعُ مِنَ القُرآنِ [4697] ((التفسير المحرر- الدرر السنية)) (42/ 226). ؟!
وفي الآياتِ الكريمةِ تَلَطُّفُ اللهِ عزَّ وجَلَّ بمُخاطَبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم؛ فقال سُبحانَه ثلاثَ جُمَلٍ لَمْ يُخاطِبْ فيها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم؛ لأنَّها عِتابٌ، فلو وُجِّهَتْ إلى الرَّسولِ بالخِطابِ لكان شَديدًا عليه، لكنْ جاءتْ بالغَيبةِ عَبَسَ وإلَّا كان مقتضى الحالِ أنْ يقولَ: «عَبَسْتَ وتَوَلَّيتَ أنْ جاءك الأعمى»، ولكِنَّه قال: عَبَسَ وَتَوَلَّى فجَعَلَ الحُكْمَ للغائِبِ؛ كراهيةَ أنْ يُخَاطِبَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم بهذه الكَلِماتِ الغَليظةِ الشَّديدةِ، ومِن أجْلِ ألَّا يَقَعَ بمِثْلِ ذلك مَن يَقَعُ مِن هذه الأُمَّةِ، واللهُ سُبحانَه وتعالى وَصَفَ كتابَه العزيزَ بأنَّه بلِسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ، وهذا مِن بَيانِه [4698] يُنظَر: ((تفسير ابن عثيمين - جزء عم)) (ص: 62). .

انظر أيضا: