موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال: (لو سَخِرْتُ مِن كَلبٍ لخَشِيتُ أن أكونَ كَلبًا، وإنِّي لأكرَهُ أن أرى الرَّجُلَ فارِغًا؛ ليس في عَمَلِ آخرةٍ ولا دُنيا) [3797] رواه ابنُ المبارك في ((الزهد)) (741) باختلافٍ يسيرٍ، وابن أبي شيبة (26059) مختصرًا، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (33/170)، واللفظ له. .
- وقال أبو موسى الأشعَريُّ: (لو رأيتُ رَجُلًا يَرضَعُ شاةً في الطَّريقِ فسَخِرتُ منه، خِفتُ ألَّا أموتَ حتَّى أرضَعَها!) [3798] رواه ابنُ أبي شيبة (26057). .
- وعن الأسوَدِ قال: ((كُنَّا عِندَ عائشةَ فسَقَط فُسطاطٌ على إنسانٍ فضَحِكوا، فقالت عائشةُ: لا سَخَرَ [3799] سَخِر منه وبه سَخَرًا وسُخْرًا وسُخريَّةً: هَزِئَ به. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/352). ! سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ما من مُسلِمٍ يُشاكُ شَوكةً فما فوقَها إلَّا رفَعَه اللهُ بها دَرَجةً، وحَطَّ عنه بها خطيئةً)) [3800] رواه أبو داود الطيالسي (1477) واللفظ له، وابن الجعد في ((المسند)) (875)، والفاكهي في ((الفوائد)) (33). والحديث رواه مسلم (2527) دونَ ذِكرِ لفظة: "لا سَخَرَ" عن الأسودِ، قال: دخَل شبابٌّ من قُرَيشٍ على عائشةَ وهي بمِنًى، وهم يضحَكون. فقالت: ما يُضحِكُكم؟! قالوا: فلانٌ خَرَّ على طُنُبِ فُسطاطٍ، فكادت عنُقُه أو عينُه أن تذهَبَ! فقالت: لا تَضحَكوا؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما من مسلم يُشاكُ شَوكةً فما فَوقَها، إلَّا كُتِبَت له بها دَرَجةٌ، ومُحِيَت عنه بها خَطيئةٌ)). .
قال القاضي عِياضٌ: (الضَّحِكُ في مِثلِ هذا غيرُ مُستحسَنٍ ولا مباحٍ، إلَّا أن يكونَ مِن غَلَبةٍ ممَّا طُبِع عليه البَشَرُ. وأمَّا قَصدًا ففيه شماتةٌ بالمُسلِمِ وسُخريَّةٌ بمُصابه، والمُؤمِنون إنَّما وصفهم اللهُ بالرَّحمةِ والتَّراحُمِ بَيْنَهم، ومِن خُلُقِهم الشَّفَقةُ بعضُهم لبعضٍ) [3801] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (8/ 41). .
- وقال إبراهيمُ النَّخَعيُّ: (إنِّي لأرى الشَّيءَ أكرَهُه، فما يمنَعُني أن أتكَلَّمَ فيه إلَّا مخافةُ أن أُبتلى بمِثْلِه) [3802] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6775). .
- وقال عَمرُو بنُ شُرَحْبيلَ: (لو رأيتُ رَجُلًا يرضَعُ عَنزًا فسَخِرتُ منه، خَشِيتُ أن أكونَ مِثلَهَ) [3803] رواه وكيع في ((الزهد)) (314). .
- وقال يحيي بنُ مُعاذٍ: (لِيَكنْ حَظُّ المُؤمِنِ منك ثلاثًا: إنْ لم تنفَعْه فلا تَضُرَّه، وإنْ لم تُفرِحْه فلا تَغُمَّه، وإنْ لم تمدَحْه فلا تَذُمَّه) [3804] ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص: 165). .
- وأوصى زهيرُ بنُ جَنابٍ بنيه، فقال: (يا بَنِيَّ... إيَّاكم أن تكونوا بالأحداثِ مُغترِّين، ولها آمِنين، ومنها ساخِرين؛ فإنَّه ما سَخِر قومٌ قَطُّ إلَّا ابتُلوا، ولكِنْ توقَّعوها؛ فإنَّما الإنسانُ في الدُّنيا غَرَضٌ تَعاوَرُه الرُّماةُ، فمُقَصِّرٌ دونَه، ومجاوِزٌ مَوضِعَه، وواقِعٌ عن يمينِه وشِمالِه، ثمَّ لا بدَّ أنَّه مُصيبُه!) [3805] ((التذكرة الحمدونية)) (6/ 36). .
- وقال القُرطبيُّ: (من لقَّب أخاه أو سَخِر منه، فهو فاسِقٌ) [3806] ((الجامع لأحكام القرآن)) (16/328). .
- وقال السَّفَّارينيُّ: (إنَّ كُلَّ من افتَخَر على إخوانِه، واحتَقَر أحدًا من أقرانِه وأخدانِه [3807] الأخدانُ: جَمعُ خِدْنٍ، وهو الصَّاحِبُ، ومَن يخادِنُك في كُلِّ أمرٍ ظاهِرٍ وباطِنٍ. يُنظر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 1193). ، أو سَخِر أو استَهزَأَ بأحَدٍ من المُؤمِنين؛ فقد باء بالإثمِ والوِزرِ المُبينِ) [3808] ((غذاء الألباب)) (ص: 134). .
- وقال ابن حجر الهيتمي: (لا تحتَقِرْ غَيرَك؛ عسى أن يكونَ عِندَ اللهِ خيرًا منك، وأفضَلَ وأقرَبَ) [3809] ((الزواجر)) (2/8). .
- قال محمَّدٌ الغَزاليُّ: (ممَّا يُمَزِّقُ أواصِرَ الأُخُوَّةِ: التَّهكُّمُ والازدِراءُ والسُّخْريَّةُ من الآخَرين، إنَّ هذه الأخلاقَ تنشَأُ عن جهالةٍ سادرةٍ، وغفلةٍ شائنةٍ؛ فإنَّ من حَقِّ الضَّعيفِ أن يُحمَلَ لا أن يُنالَ منه، ومن حَقِّ الحائِرِ أن يُرشَدَ لا أن يُضحَكَ عليه. وإذا وجَدْتَ بشَخصٍ عاهةً أو عرَضَتْ له سَيِّئةٌ، فآخِرُ ما يُتوَقَّعُ من المُسلِمِ أن يجعَلَ ذلك مَثارَ تَنَدُّرِه واستِهزائِه!) [3810] ((خلق المسلم)) (ص: 178). .
- قال عبدُ الرَّحمنِ المَيدانيُّ: (إنَّ السُّخْريَّةَ تُنافي ما يوجِبُه الحَقُّ، وهي ظُلمٌ قبيحٌ من الإنسانِ لأخيه الإنسانِ، وعُدوانٌ على كرامتِه، وإيذاءٌ لنفسِه وقلبِه) [3811] ((الأخلاق الإسلامية)) (2/223). .

انظر أيضا: