موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ العَفْوِ



وأعلاه العَفْوُ بلا شُروطٍ، فيَعفو عن المسيءِ دونَ أن يَشتَرِطَ عليه شيئًا ابتغاءَ مَرضاةِ اللَّهِ، وطَلَبًا لمعالي الأمورِ ومَكارمِ الأخلاقِ.
ومن العَفْوِ عَفوٌ مَشروطٌ، كالعَفْوِ عن المُسيءِ بشَرطِ رَدِّ الاعتبارِ باعتذارٍ أو تعويضٍ.
2- عفوٌ مذمومٌ:
ومنه العَفْوُ فيما لا يحِلُّ فيه العَفْوُ عنه، كعَفوِ الحاكِمِ في حَدٍّ من الحُدودِ، أو العَفْوِ عن المُفسِدين، والعَفْوِ عمَّن يزيدُه العَفْوُ ظُلمًا وعُدوانًا وبَغيًا، فالعَفْوُ الذي تزدادُ به جريمةُ المعتدي ليس بمحمودٍ ولا مأجورٍ عليه.
ومنه العَفْوُ لغيرِ القادِرِ على الانتقامِ، فيعفو ذُلًّا ومهانةً وعَجزًا، فمِثلُ هذا لا يُمدَحُ فاعِلُه.
وقد يَلحَقُ العَفْوَ ما يُخِلُّ به، كالعَفْوِ عن المسيءِ بعدَ كَسرِه وقَهرِه وإذلالِه.
ويمكِنُ تقسيمُ العَفْوِ من جهةِ ما يترَتَّبُ عليه إلى ثلاثةِ أقسامٍ؛ قال ابنُ عُثَيمين: (العَفْوُ قد يكونُ سَبَبًا للزِّيادةِ في الطُّغيانِ والعُدوانِ، وقد يكونُ سببًا للانتهاءِ عن ذلك، وقد لا يزيدُ المعتَديَ ولا يَنقُصُه.
فإذا كان مسَبِّبًا للزِّيادةِ في الطُّغيانِ كان العَفْوُ هنا مذمومًا، وربَّما يكونُ ممنوعًا؛ مِثلُ أن نعفوَ عن هذا المجرِمِ، ونعلَمَ أو يَغلِبَ على الظَّنِّ أنَّه يَذهَبُ فيُجرِمُ إجرامًا أكبَرَ؛ فهنا لا يُمدَحُ العافي عنه، بل يُذَمُّ.
وقد يكونُ العَفْوُ سَبَبًا للانتهاءِ عن العدوانِ بحيثُ يَخجَلُ ويقولُ: هذا الذي عفا عنِّي لا يمكِنُ أن أعتديَ عليه مرَّةً أخرى، ولا على أحَدٍ غَيرِه. فيَخجَلُ أن يكونَ هو من المعتَدين، وهذا الرَّجُلُ من العافين؛ فالعَفْوُ محمودٌ ومطلوبٌ، وقد يكونُ واجِبًا.
وقد يكونُ العَفْوُ لا يؤثِّرُ ازديادًا ولا نَقصًا؛ فهو أفضَلُ) [6965] ((شرح العقيدة الواسطية)) (1/ 340). .

انظر أيضا: