موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعًا: أقسامُ الرِّفْقِ


ينقَسِمُ الرِّفْقُ بالنَّظَرِ إلى باعثِه إلى:
1- فِطريٍّ: فالرِّفْقُ غريزةٌ بشريَّةٌ، وأمرٌ جِبِلِّيٌّ في نوعِ الإنسانِ، وهو موجودٌ في داخِلِ كُلِّ أحدٍ. ومهما بدا على أقوالِ وأفعالِ الإنسانِ من سلوكٍ يتنافى مع الرِّفْقِ، إلَّا أنَّ أصلَ الرِّفْقِ كامِنٌ في إنسانيَّتِه؛ لذلك تكونُ العودةُ إليه ممكنةً غالبًا إلَّا ممَّن نزع اللهُ الرَّحمةَ مِن قَلبِه. ومِن صُورِه رِفقُ الأمِّ بوَلَدِها، وهذا ظاهِرٌ حتَّى في غيرِ نوعِ الإنسانِ.
2- مكتَسَبٍ: فالنَّاسُ متفاوتون في أخلاقِهم؛ فمنهم من يغلِبُ اللُّطفُ واللِّينُ على أحوالِه وتصرُّفاتِه، ومنهم من تغلِبُ عليه الشِّدَّةُ والغِلظةُ، وهذا الأخيرُ مأمورٌ بمجاهدةِ نفسِه وحملِها على الرِّفْقِ، والسَّيرِ على خطى المترفِّقين؛ فإنَّه إن فعل ذلك كان رِفقُه مُكتَسَبًا.
وينقَسِمُ الرِّفْقُ بالنَّظَرِ إلى محَلِّه إلى:
1- ذاتيٍّ: أي: رِفقِ الإنسانِ بنفسِه، وإذا كان الرِّفْقُ مطلوبًا عِندَ التَّعامُلِ مع الآخَرِ، فهو في حقِّ النَّفسِ أَولى.
2- متعَدٍّ، وهو رفقُه بالآخَرين [4226] يُنظَر: ((الرفق في السنة النبوية)) لحسن محمد عبه جي (ص: 63). .
وينقَسِمُ من حيثُ مشروعيَّتُه إلى:
1- رفقٍ مشروعٍ، كالرِّفْقِ بالمسلِمين وبالوالِدَين، وبالزَّوجةِ والأولادِ والمرضى وغيرِهم.
2- رفقٍ ممنوعٍ، كالرِّفْقِ بالكافِرين المعتَدين، والعُصاةِ المجرِمين المتمَرِّدين، والظَّلَمةِ المُعتَدين، والرِّفْقِ بالمفسِدين في الأرضِ، والرِّفْقِ بالمُسيءِ بتَركِ تأديبِه، وبالمُقَصِّرِ بتركِ محاسَبتِه، ونحوِ ذلك، كُلُّ هذا يُعَدُّ من الرِّفْقِ الممنوعِ المذمومِ.
قال ابنُ حزمٍ: (قد أثنى عليه السَّلامُ على الرِّفْقِ، وأمر بالتَّيسيرِ، ونهى عن التَّنفيرِ، وكان يتخوَّلُ بالموعظةِ خوفَ الملَلِ. وقال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159] .
وأمَّا الغلظةُ والشِّدَّةُ فإنما تجبُ في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ، فلا لِينَ في ذلك للقادِرِ على إقامةِ الحَدِّ خاصَّةً) [4227] ((رسائل ابن حزم)) (1/ 383، 384). .

انظر أيضا: