الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامسُ: لُزومُ عَقدِ المُزارَعةِ


عَقدُ المُزارَعةِ عَقدٌ لازِمٌ، وهو قولُ بعضِ المالِكيَّةِ [260] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/ 372). ، وقولُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسنِ مِن الحنفيَّةِ [261] عندهما: أنَّ المزارعةَ لازمةٌ من جهةِ مَن لا بَذْرَ منه، غيرُ لازمةٍ من جهةِ رَبِّ البَذْرِ، وإذا أُلقِيَ البَذْرُ في الأرضِ يُصبِحُ لازمًا من الجانبَينِ. ينظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/ 57) ((البناية)) للعيني (11/ 497)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/188). ، وقولٌ عندَ الحنابِلةِ [262] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/299)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/311). ، وهو قولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ [263] قال ابنُ قُدامةَ: (قال بعضُ أصحابِنا: هو عقدٌ لازمٌ، وهو قولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ) ((المغني)) (5/299)، وينظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/311). ، وهو اختِيارُ ابنُ تيميَّةَ: (وأمَّا قولُ مَن فَرَّق بين المُزارعةِ والإجارةِ بأنَّ الإجارةَ عقدٌ لازمٌ بخلافِ المزارعةِ، فيقالُ له: هذا ممنوعٌ، بل إذا زارعه حولًا بعينِه فالمزارعةُ عقدٌ لازمٌ كما تلزَمُ إذا كانت بلفظِ الإجارةِ، والإجارةُ قد لا تكونُ لازمةً كما إذا قال: آجَرْتُك هذه الدَّارَ كُلَّ شهرٍ بدرهَمينِ؛ فإنَّها صحيحةٌ في ظاهِرِ مذهَبِ أحمَدَ وغيرِه، وكلَّما دخَل شهرٌ فله فَسخُ الإجارةِ. والجَعالةُ في معنى الإجارةِ وليست عقدًا لازمًا. فالعَقدُ المُطلَقُ الذي لا وَقْتَ له لا يكونُ لازمًا، وأمَّا المؤقَّتُ فقد يكونُ لازمًا) ((مجموع الفتاوى)) (30/115)، وينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (5/348). ، وابنِ بازٍ [265] يكونُ لازمًا فيما إذا حُدِّدَت المدَّةُ. أجاب ابنُ باز في سؤالٍ: هل المزارعةُ عقدٌ لازمٌ؟ (إذا حُدِّدَت المدَّةُ فهو لازمٌ، وهو قولُ الجمهورِ، وإذا لم تحَدَّدْ فلا. له الفَسخُ في السَّنةِ الأولى) ((مسائل الإمام ابن باز)) (ص: 176). وابنِ عُثَيمينَ [266] قال ابنُ عثيمين: (المساقاةُ والمزارعةُ من العقودِ اللَّازمةِ، ولا بُدَّ من تقديرِ الأجَلِ فيها سنةً أو سنتينِ أو ثلاثًا أو أكثَرَ، لا بُدَّ من هذا، ولكُلٍّ من المتعاقِدَين شرطُ الخيارِ، إمَّا لهما جميعًا، وإمَّا لأحَدِهما) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (4/242). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ عَقدَ المُزارَعةِ عَقدُ مُعاوَضةٍ، فكان لازِمًا، كالإجارةِ [267] يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/ 299). .
ثانيًا: لأنَّه لو كان جائِزًا لتمكَّن المالِكُ مِن الفَسخِ قَبلَ مُضيِّ المُدَّةِ؛ فيضيعُ عَملُ العامِلِ [268] يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/ 299). .

انظر أيضا: