الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: شِراءُ العامِلِ بما يَزيدُ عن ثَمَنِ المِثلِ إذا كانَ الغَبْنُ فاحِشًا


اخْتَلَفَ العُلَماءُ في حُكْمِ شِراءِ العامِلِ المُضارِبِ إذا اشْتَرى بأَكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثلِ [331] كأنْ يَشْتريَ العامِلُ المُضارِبُ سِلْعةً للمُضارَبةِ ثَمَنُها خَمْسُمِئةِ رِيالٍ بألْفِ رِيالٍ. ، على قَوْلَينِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: لا يَصِحُّ شِراءُ العامِلِ إذا اشْتَرى بأَكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثلِ إذا كانَ الغَبْنُ فاحِشًا، وهو مَذهَبُ الشَّافِعِيَّةِ [332] ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/286)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/315). ، وقَوْلُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِن الحَنَفِيَّةِ [333] ((حاشية ابن عابدين)) (5/522). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/87). ، وقَوْلٌ في مَذهَبِ الحَنابِلةِ [334] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/31). ، وهو مُقْتَضى مَذهَبِ المالِكِيَّةِ [335] نَصَّ مَذهَبُ المالِكيَّةِ في شِراءِ الوَكيلِ إذا اشْتَرى بأَكثَرَ، والمُضارِبُ يُعتَبَرُ وَكيلًا لصاحِبِ المالِ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/382)، ((منح الجليل)) لعليش (6/389). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (6/81). ، وذلك لأنَّه بالغَبْنِ يَضُرُّ صاحِبَ المالِ [336] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/315). .
القَوْلُ الثَّاني: يَصِحُّ شِراءُ العامِلِ إذا اشْتَرى بأَكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثلِ، ويَضمَنُ الزِّيادةَ إذا كان الغَبْنُ فاحِشًا [337] وقَيَّدَه ابنُ تَيْمِيَّةَ بما إذا احْتاطَ ولم يكنْ مُفرِّطًا فقال: (قالَ في المُحَرَّرِ: وإذا اشْتَرى الوَكيلُ أو المُضارِبُ بأَكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثلِ أو بدونِه، صَحَّ ولَزِمَه النَّقْصُ والزِّيادةُ، ونَصَّ عليه. قالَ أبو العبَّاسِ: وكذلك الشَّريكُ والوَصيُّ والنَّاظِرُ على الوَقْفِ وبَيْتِ المالِ ونَحْوِ ذلك، وقالَ: هذا ظاهِرٌ فيما إذا فَرَّطَ، وأمَّا إذا احْتاطَ في البَيْعِ والشِّراءِ ثُمَّ ظَهَرَ غَبْنٌ أو عَيْبٌ لم يُقَصِّرْ فيه، فهذا مَعْذورٌ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/400). ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [338] أمَّا ما يتغابَنُ النَّاسُ بمِثْلِه عادةً ولم يكُنْ فاحِشًا، فلا يَضمَنُه المضارِبُ. ((تصحيح الفروع)) للمرداوي (7/60)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/475). ، واخْتِيارُ ابنِ عُثَيْمينَ [339] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (إذا اشْتَرى بأَكثَرَ ممَّا قُدِّرَ له أو بأَكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثلِ، فالشِّراءُ صَحيحٌ، وعليه ضَمانُ الزِّيادةِ). ((الشرح الممتع)) (9/372). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: يَصِحُّ ويَضمَنُ المُضارِبُ الزِّيادةَ؛ لأنَّ فيه جَمْعًا بَيْنَ حَظِّ البائِعِ بعَدَمِ الفَسْخِ وحَظِّ المُشْتَري، فوَجَبَ التَّضْمينُ، وأمَّا المُضارِبُ فلا يُعتَبَرُ حَظُّه [340] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/475). .
ثانِيًا: لأنَّ الضَّرَرَ يَنْجَبِرُ بضَمانِ النَّقْصِ [341] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/31). .

انظر أيضا: