الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: أن يكونَ عَيْنًا لا مَنْفعةً


اخْتَلَفَ العُلَماءُ في حُكْمِ إقْراضِ المَنافِعِ [188] كأنْ يقولَ لشَخْصٍ: أَعِنِّي بسَيَّارتِك أو بنفْسِك لِأُعينَك بسَيَّارتي أو بنَفْسي، أو يقولَ له: ساعِدْني اليَوْمَ على عَمَلي وغَدًا أوفيك، أي: أَعمَلُ معَك. على قَوْلَينِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: لا يَصِحُّ إقْراضُ المَنافِعِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفِيَّةِ [189] يَرى الحَنَفيَّةُ أنَّ المَنافِعَ مِلْكٌ لا مالٌ، باعْتِبارِها تَختَصُّ بمَن يَملِكُها، والتَّصرُّفُ فيها تَصرُّفُ اخْتِصاصٍ، وليسَتْ مالًا يُمكِنُ ادِّخارُه للانْتِفاعِ به عنْدَ الحاجةِ، وبِناءً على وَصْفِ المَنافِعِ عنْدَهم فلا يَجوزُ اقْتِراضُها. ((حاشية ابن عابدين)) (4/502). ، والشَّافِعِيَّةِ [190] لا يَجوزُ إقْراضُ المَنافِعِ المُعيَّنةِ عنْدَهم؛ لأنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ فيها، إلَّا المَنافِعَ الَّتي في الذِّمَّةِ فيَجوزُ إقْراضُها. ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/67)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/44)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/119). ، والحَنابِلةِ [191] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/93، 94)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/96)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/314). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ قَرْضَ المَنافِعِ غَيْرُ مَعْهودٍ في الشَّرْعِ [192] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/314). .
ثانِيًا: لأنَّ المَنافِعَ لا يَجوزُ السَّلَمُ فيها، فلا يَجوزُ إقْراضُها؛ لأنَّه لا يُمكِنُ رَدُّ مِثلِها [193] ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/67). .
القَوْلُ الثَّاني: يَصِحُّ إقْراضُ المَنافِعِ، وهو مَذهَبُ المالِكِيَّةِ [194] ((التاج والإكليل)) للمواق (5/269)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (6/232)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/435)، ((منح الجليل)) لعليش (7/54). ، ووَجْهٌ عنْدَ الشَّافِعِيَّةِ [195] صرَّح به المتولِّي. ((المهمات في شرح الروضة والرافعي)) للإسنوي (5/315)، ((النجم الوهاج في شرح المنهاج)) للدميري (4/281). ، واخْتارَه ابنُ تَيْمِيَّةَ [196] قالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (ويَجوزُ قَرْضُ المَنافِعِ مِثلَ أن يَحصُدَ معَه يَوْمًا ويَحصُدَ معَه الآخَرُ يَوْمًا، أو يُسكِنَه دارًا ليُسكِنَه الآخَرُ بَدَلَها، لكنَّ الغالِبَ على المَنافِعِ أنَّها ليست مِن ذَواتِ الأمْثالِ حتَّى يَجِبَ رَدُّ المِثلِ بتَراضيهما). ((الفتاوى الكبرى)) (5/394). ، وابنُ عُثَيْمينَ [197] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (بَيْعُ المَنافِعِ جائِزٌ، أمَّا إقْراضُها فالمَذهَبُ لا يَجوزُ، واخْتارَ شيْخُ الإسْلامِ جَوازَ ذلك بأن أقولَ: أَقرِضْني نفْسَك اليَوْمَ لتُساعِدَني على الحَصادِ وغَدًا أوفيك، أي: أَحصُدُ معَك، وهذا هو الصَّحيحُ). ((الشرح الممتع)) (9/96). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الأصْلَ في المُعامَلاتِ الإباحةُ [198] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/96). .
ثانِيًا: أنَّ المَنافِعَ تَجوزُ المُعاوَضةُ عنها، فإذا كانَتْ تَجوزُ المُعاوَضةُ عنها فإنَّه يَجوزُ إقْراضُها [199] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/96). .

انظر أيضا: