الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكْمُ القَرْضِ في حَقِّ المُقْترِضِ


يُباحُ للمُقْترِضِ الاقْتِراضُ بدونِ كَراهةٍ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنَفِيَّةِ [24] ((حاشية الطحطاوي)) (ص 728)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/166). ، والمالِكِيَّةِ [25] نَصَّ المالِكيَّةُ على أنَّه يُباحُ إن كانَ المُقْترِضُ يَرى مِن نفْسِه القُدْرةَ على الوَفاءِ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/588)، ((منح الجليل)) لعليش (6/3). ، والشَّافِعِيَّةِ [26] نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ على أنَّه يُباحُ إن كانَ المُقْترِضُ يَرى مِن نفْسِه القُدْرةَ على الوَفاءِ. ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/117)، ((نهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي)) (4/221). ، والحَنابِلةِ [27] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/93)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/313). ويُنظَرُ: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/236). .
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
1 - قَوْلُه تبارك وتَعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة: 282] .
2 - قَوْلُه تَعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
ذَكَرَ اللهُ تَعالى التَّدايُنَ في الآيَتينِ وأَقَرَّه؛ فدَلَّ ذلك على أنَّه مُباحٌ [28] ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد الجد (2/303). .
ثانِيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي رافِعٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِن رَجُلٍ بَكْرًا، فقَدِمَتْ عليه إبِلٌ مِن إبِلِ الصَّدَقةِ، فأمَرَ أبا رافِعٍ أن يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَه، فرَجَعَ إليه أبو رافِعٍ فقالَ: لم أَجِدْ فيها إلا خِيارًا رَباعِيًا [29] الخِيارُ: هو الجَيِّدُ مِن كلِّ شيءٍ، ويَقَعُ على الواحِدِ والجَمْعِ. والرَّباعيُّ: هو الجَمَلُ الَّذي أتَتْ عليه سِتُّ سِنينَ، ودَخَلَ في السَّنَةِ السَّابِعةِ، سُمِّيَ بذلك لأنَّ رَباعِيتَه تَطلُعُ حينَئذٍ، والأنْثى رَباعِيَةٌ. يُنظَرُ: ((الشافي في شرح مسند الشافعي)) لابن الأثير (4/151)، ((تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة)) للبيضاوي (2/265)، ((نخب الأفكار)) للعيني (12/110). ، فقالَ: أَعْطِه إيَّاه، إنَّ خِيارَ النَّاسِ أَحسَنُهم قَضاءً)) [30] أخرجه مسلم (1600). .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسْتَقْرِضُ، ولو كانَ مَكْروهًا كانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنه [31] ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/236). .
ثالِثًا: لأنَّه إنَّما يَأخُذُه بِعِوَضِه، فأَشبَهَ الشِّراءَ بدَيْنٍ في ذِمَّتِه [32] ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/236). .

انظر أيضا: