الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: بَيعُ الرِّبويِّ بجِنسِه نَسيئةً (مُؤجَّلًا)


لا يَجوزُ بَيعُ الرِّبويِّ بجِنسِه وأحَدُهما مُؤجَّلٌ كأنْ يُؤخِّرَ القبضَ في الأصْنافِ التي يَجْري فيها الرِّبا؛ كأنْ يَبيعَ الذَّهبَ بالذَّهبِ وأحَدُها مؤجَّلٌ. فإنْ كان القَبضُ في الحالِ معَ عدمِ الزِّيادةِ في أحدِ العِوَضَينِ؛ فيَجوزُ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ
1- عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ أوِ اسْتَزادَ، فقدْ أرْبى، الآخِذُ والمُعْطي فيه سَواءٌ )) أخرَجَه مسلمٌ (1584).
2 - عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبِيعوا كيف شِئْتُم، إذا كان يدًا بيدٍ )) أخرَجَه مسلمٌ (1587).
ثانيًا: منَ الإجْماعِ
نقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ قال ابنُ المُنذرِ: (أجمَعوا على أنَّ السِّتَّةَ الأصنافِ مُتفاضِلًا، يدًا بيدٍ، ونَسيئةً؛ لا يجوزُ أحَدُهما، وهو حرامٌ) ((الإجماع)) (ص: 97). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حزمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ بيعَ الذَّهبِ بالذَّهبِ بينَ المسلمينَ نَسيئةً حرامٌ، وأنَّ بَيعَ الفضَّةِ بالفضَّةِ نَسيئةً حرامٌ... واتَّفَقوا أنَّ بَيعَ القمحِ بالقمحِ نَسيئةً حَرامٌ، وأنَّ بَيعَ الشَّعيرِ بالشَّعيرِ كذلك نَسيئةً حرامٌ، وأنَّ بَيعَ المِلحِ بالمِلحِ نسيئةً حرامٌ، وأنَّ بيعَ التَّمرِ بالتَّمرِ كذلك نَسيئةً حرامٌ) ((مراتب الإجماع)) (ص: 84). ، وابنُ عبدِ البرِّ قال ابنُ عبدِ البرِّ: (فاستقَرَّ الأمرُ عندَ العلماءِ على أنَّ الرِّبا في الازْديادِ في الذَّهبِ بالذَّهبِ، وفي الورِقِ بالورِقِ، كما هو في النَّسيئةِ؛ سواءٌ في بَيعِ أحدِهما بالآخَرِ، وفي بَيعِ بعضِ كلِّ واحدٍ منهما ببعضٍ، وهذا أمرٌ مجتمَعٌ عليه، لا خِلافَ بينَ العلماءِ فيه، مع تواتُرِ الآثارِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك) ((التمهيد)) (6/287). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رُشدٍ: (أجمَعَ العلماءُ على أنَّ التَّفاضُلَ والنَّساءَ ممَّا لا يَجوزُ واحدٌ منهما في الصِّنفِ الواحِدِ منَ الأصْنافِ التي نُصَّ عليها في حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ) ((بداية المجتهد)) (2/129). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (كلُّ جِنسينِ يَجْري فيهما الرِّبا بعلَّةٍ واحدةٍ -كالمَكيلِ بالمَكيلِ، والمَوْزونِ بالمَوْزونِ، والمَطْعومِ بالمَطْعومِ، عندَ مَن يُعلِّلُ به- فإنَّه يَحرُمُ بيعُ أحَدِهما بالآخَرِ نَساءً، بغيرِ خلافٍ نَعلَمُه) ((المغني)) (4/9). ، والنَّوَويُّ قال النَّوويُّ: (أجمَعوا على أنَّه لا يَجوزُ بيعُ الرِّبويِّ بجنسِه، وأحَدُهما مؤجَّلٌ، وعلى أنَّه لا يجوزُ التَّفاضُلُ إذا بيعَ بجنسِه حالًّا، كالذَّهبِ بالذَّهبِ) ((شرح صحيح مسلم)) (11/09).

انظر أيضا: