الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامِسُ: توَلِّي الوكيلِ طرَفَيِ العقدِ في البيعِ والشِّراءِ


يَصِحُّ العقدُ إذا تولَّى الوكيلُ طَرَفَيِ العقدِ بأن يكونَ نائبًا عن البائِعِ والمُشتري في آنٍ واحدٍ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [453] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (4/483)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/297). ويُنظَر: ((الذخيرة)) للقرافي (8/10). ، والحَنابِلةِ [454] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (5/277،279)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/473)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهوتي (2/195). ، ووجهٌ للشَّافِعيَّةِ [455] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (5/227)، ((روضة الطالبين)) للنووي (4/306). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين [456] قال ابنُ عُثَيمين: (إذا تولَّى واحِدٌ طَرَفَيِ العقدِ، فمتى يكونُ الخِيارُ؟ يقولونَ: ليس فيه خيارٌ؛ لأنَّنا لو قُلْنا: له الخيارُ، بَقِيَ البيعُ جائزًا؛ لأنَّه لا يمكِنُ أن يفارِقَ الشَّخصُ نفسَه. مثالُه: وكَّلْتُك أن تشتريَ لي كتابًا ووكَّلَك آخَرُ أن تبيعَه له، فقُلتَ: اشتريتُ الكِتابَ مِن فلانٍ لفُلانٍ، فهنا تولَّى الوكيُل طرَفَيِ العقدِ، والصَّحيحُ أنَّ تولِّيَ طَرَفَيِ العَقدِ فيه الخيارُ، ويكونُ المدارُ على مُفارقةِ هذا الرَّجُلِ للمكانِ الذي أمضى فيه البيعَ، فإذا قال الوكيلُ: اشتَرَيتُ هذا الكتابَ من فلانٍ لفلانٍ، ثمَّ قام ومشى، فالآنَ لَزِم البَيعُ). ((الشرح الممتع)) (8/271). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الآثارِ
عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّه قال لأمِّ حَكيمٍ بنتِ قارِظٍ: أتجعَلينَ أمْرَكِ إليَّ؟ قالت: نعم، فقال: قد زوَّجْتُكِ [457] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (5131)، واللفظ له، وأخرجه موصولًا ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (10936). صحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (1854). وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/267): رُوِيَ موصولًا. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ توَلَّى طَرَفَي عَقدِ النِّكاحِ، وهو أغلَظُ مِن عَقدِ البيعِ؛ فالبَيعُ أَولى [458] يُنظَر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/ 158). .
ثانيًا: لأنَّه أُذِنَ له في طرَفَيِ العقدِ، فجاز له أن يَليَهما، كالأبِ يشتري من مالِ وَلَدِه لنَفسِه [459] يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/86). .
ثالثًا: لانتفاءِ التُّهمةِ [460] يُنظَر: ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/473). ؛ لأنَّه لا يَعقِدُ مع نفسِه، وإنَّما لشخصَينِ آخرَينِ، وغايةُ ما في الأمرِ أنَّه تولَّى صياغةَ العَقدِ عنهما.

انظر أيضا: