الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّالِثُ: حُكمُ جاحِدِ العاريَّةِ


لا يجري على جاحِدِ العاريَّةِ ما يجري على السَّارِقِ من القَطعِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [377] (لا قَطْعَ على المُستعيرِ الجاحِدِ، وإنَّما عليه الضَّمانُ؛ لأنَّه لا يُطلَقُ عليه اسمُ السَّارِقِ، ولا يوجَدُ فيه حَدُّ السَّرِقةِ). ((نخب الأفكار)) للعيني (16/17). (قولُه: ولا قَطْعَ على خائنٍ ولا خائنةٍ... إلخ) وهما اسما فاعلٍ من الخيانةِ، وهو أن يؤتمَنَ على شيءٍ بطريقِ العاريَّةِ أو الوديعةِ فيأخُذَه ويدَّعيَ ضياعَه، أو ينكِرَ أنَّه كان عندَه وديعةً أو عاريَّةً، وعلَّله بقُصورِ الحِرزِ؛ لأنَّه قد كان في يَدِ الخائِنِ وحِرزِه لا حِرزِ المالِكِ على الخُلوصِ؛ وذلك لأنَّ حِرزَه وإن كان حِرزًا لمالكٍ، فإنَّه أحرَزه بإيداعِه عندَه، لكِنَّه حِرزٌ مأذونٌ للسَّارقِ في دُخولِه). ((فتح القدير)) لابن الهمام (5/ 373). ، والمالِكيَّةِ [378] (ولا قَطْعَ على مختَلِسٍ ولا مُنتَهِبٍ ولا مُغتَصِبٍ ولا خائنٍ، كالرَّجُلِ يُدخِلُه آخَرُ في بيتِه لضيافتِه أو لحاجةٍ فيَسرِقُه، أو كالمستعيرِ أو المودَعِ أو الأجيرِ أو الشَّريكِ، أو عَبدِ الرَّجُلِ إذا سَرَق من مالِ سَيِّده...). ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/1080). (قال مالِكٌ في الذي يستعيرُ العاريَّةَ فيَجحَدُها: إنَّه ليس عليه قطعٌ، وإنَّما مَثَلُ ذلك مَثَلُ رَجُلٍ كان له على رجُلٍ دَينٌ فجَحَده ذلك، فليس عليه فيما جَحَده قَطعٌ). ((الاستذكار)) لابن عبد البر (24/244). ، والشَّافِعيَّةِ [379] (و) حينئذٍ (لا يُقطَعُ مختَلِسٌ) وهو من يعتَمِدُ الهَرَبَ من غيرِ غَلَبةٍ مع معاينةِ المالِكِ (و) لا (مُنتَهِبٌ) وهو من يأخُذُ عِيانًا ويعتَمِدُ على القُوَّةِ والغلَبةِ (و) لا (جاحِدُ) أي: مُنكِرُ (وديعةٍ) وعاريَّةٍ؛ لحديثِ: "ليس على المُختَلِسِ والخائِنِ قَطعٌ"). ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/171). (لا يُقطَعُ مختَلِسٌ ومُنتَهِبٌ وجاحِدُ وديعةٍ أو عاريَّةٍ). ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 457)، (قولُه: (المالُ المغصوبُ فلا قَطْعَ).... قولُه: (وجاحِدُ وديعةٍ) ومِثلُها العاريَّةُ والأمانةُ). ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 195). ، وإحدى الرَّوايتينِ عن أحمدَ [380] (ويُقطَعُ جاحِدُ عاريَّةٍ، نقله واختاره الجماعةُ، وعنه: لا، اختاره الخِرَقيُّ وابنُ شاقْلا وأبو الخطَّابِ والشَّيخُ وغيرُهم، كوديعةٍ، ومنتَهِبٍ ومختَلِسٍ وغاصِبٍ). ((الفروع)) لمحمد بن مُفلِح (10/ 153)، (ولا جاحِدُ وديعةٍ) وفاقًا؛ لعمومِ قَولِه: ((لا قَطْعَ على خائنٍ))؛ لأنَّه ليس بسارِقٍ (ولا عاريَّةٍ) ولا غيرِها من الأماناتِ بغيرِ خلافٍ نَعلَمُه (وعنه: يُقطَعُ جاحِدُ العاريَّةِ). نصَّ عليه في روايةِ صالحٍ، وعبدِ اللهِ، والكَوسَجِ، والخَوارزميِّ، وأبي طالبٍ، وابنِ منصورٍ). ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (7/ 429)، (قولُه: (فلا قَطْعَ على مُنتَهِبٍ ولا مختَلِسٍ ولا غاصِبٍ ولا خائِنٍ ولا جاحدِ وديعةٍ) بلا نزاعٍ أعلَمُه، وقَولُه: (ولا عاريَّةٍ) هذا إحدى الرِّوايتينِ، اختاره الخِرَقيُّ، وابنُ شاقْلا، وأبو الخطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ مُنَجَّا في شَرحهِ. وعنه: يُقطَعُ جاحِدُ العاريَّةِ. وهو المذهَبُ. نقله الجماعةُ عن الإمامِ أحمدَ رحمه اللهُ. قال في الفُروعِ: نقلَه واختاره الجماعةُ. قال في المحرَّرِ، والحاوي، والزَّركشيُّ: هذا الأشهَرُ، وجزم به القاضي في الجامِعِ الصَّغيرِ، وأبو الخطَّابِ، والشَّريفُ في خِلافَيهما، وابنُ عقيلٍ في المفرداتِ). ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/ 253). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [381] (أجمعوا على أنَّ المرءَ إذا استعار الشَّيءَ ثمَّ جَحَده، أنْ لا قَطَع عليه). ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 127(. .
ثانيًا: لأنَّ المُعارَ مأمونٌ، ولأنَّه لم يأخُذْ بغيرِ إذنٍ فَضلًا أن يأخُذَ مِن حِرزٍ [382] يُنظَر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/757). .
ثالثًا: قياسًا على الغاصِبِ؛ فقد أجمعوا على أنَّه ليس على الغاصِبِ ولا على المكابِرِ المغالِبِ قَطعٌ [383] يُنظَر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/757). .
رابعًا: لأنَّه لا يُطلَقُ عليه اسمُ السَّارِقِ، ولا يوجَدُ فيه حَدُّ السَّرِقةِ [384] يُنظَر: ((نخب الأفكار)) للعيني (16/17). .

انظر أيضا: