الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: حُكمُ قَبولِ الوَديعةِ


يُستحَبُّ للمودَعِ قَبولُ الوَديعةِ إذا علِم مِن نَفسِه الأمانةَ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [91] ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (5/76). ، والشَّافِعيَّةِ [92] الشَّافعيَّةُ عندَهم تفصيلٌ؛ فيَرَون أنَّه يجِبُ عليه قَبولُ الوديعةِ إذا لم يكُنْ هناك غيرُه يَصلُحُ لذلك، وخاف إنْ لم يقبَلْ أن يَهلِكَ المالُ، ويحرُمُ عليه إذا كان واثقًا من أمانتِه إلَّا أنَّه عاجِزٌ عن حفظِها. ويُكرَهُ في المعتَمَدِ عندَهم إذا كان قادرًا على الحِفظِ ولكِنْ لا يَثِقُ بأمانةِ نفسِه. ينظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (6/324)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/52). ، والحنابِلةِ [93] ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/167). ، واختاره بعضُ المالِكيَّةِ [94] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/276). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكتابِ
قولُه تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ حِفظَ الوَديعةِ مِن التَّعاوُنِ على البِرِّ؛ لأنَّ فيه إعانةً لصاحِبِها بحِفظِ مالِه  [95]ينظر: ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق للزيلعي)) (5/76). .
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رضِي اللهُ عنه قال: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((...واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيه...)) [96]أخرجه مسلم (2699) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في قَبولِ الوَديعةِ إعانةً مِن العَبدِ لأخيه، وإعانةُ الأخِ لأخيه مِن البِرِّ والإحسانِ اللَّذَينِ دعا إليهما الشَّرعُ [97] يُنظر: ((الإقناع)) للشربيني (2/370). .

انظر أيضا: