الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الثَّاني: شِراءُ الواهِبِ هِبَتَه مِن غَيرِ المَوهوبِ له


يُباحُ شِراءُ الواهِبِ هِبَتَه مِن غيرِ المَوهوبِ له، نصَّ عليهِ الشَّافعيَّةُ [454] ((المجموع)) للنووي (6/241)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/405). ، وابنُ عُثَيمينَ [455] قال ابنُ عُثيمينَ: (لو أنَّ هذا الرجُلَ باَعُه [أي: الموهوب له باعَ الهِبةَ] على شخصٍ آخَرَ؛ فهل يجوزُ أن يَشتريَه مِن الشخصِ الآخَرِ؟ الجوابُ: نعَمْ؛ لأنَّه انتقَلَ منه على وجْهِ الشِّراءِ، ويدُلُّ لهذا الأصلِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَلَ ذاتَ يومٍ، فوَجَدَ اللحمَ على النارِ، فقيل: إنَّه تُصُدِّقَ به على بَريرةَ، فقال: «هو لها صدقةٌ، ولنا منها هَديَّةٌ»). ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (4/318). ، واللَّجنةُ الدَّائمةُ [456] جاء في فتوى اللجنة الدائمة: (يجوزُ شِراءُ الهِبةِ في الصُّورةِ المذكورةِ؛ لأنَّ الواهبَ اشْتَراها مِن غير المَوهوبةِ له). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (16/185). ، وهو ظاهِرُ مَذهبِ الحَنفيَّةِ [457] الحنفيَّةُ يَرَون جوازَ الرُّجوعِ في الهِبةِ، فإذا جاز عِندَهم الرجوعُ، فالشِّراءُ مِن غَيرِ المَوهوبِ له مِن بابِ أَولى. ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (7/290)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (5/97). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/132).
الدَّليلُ مِن السُّنةِ:
عن زيدِ بنِ أسلَمَ، عن أبيهِ، قال: سَمِعتُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه يقولُ: ((حَمَلتُ على فرَسٍ في سبيلِ اللهِ، فأضاعَه الذي كانَ عندَه، فأرَدتُ أنْ أشتَرِيَه وظَنَنتُ أنَّه يَبيعُه برُخصٍ، فسَألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: لا تَشتَرِي، ولا تَعُدْ في صَدَقَتِك وإنْ أعطَاكَه بدِرهَمٍ؛ فإنَّ العائِدَ في صَدَقتِه كالعائِدِ في قَيئِه )) [458] أخرجه البخاري (1490) واللفظ له، ومسلم (1620).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ شُبهةَ المُحاباةِ مِمَّن وُهِبَت له مُنتفِيَةٌ إذا اشتَراهُ مِن غَيرِه؛ لأنَّ ظاهرَ التَّعليلِ بأنَّه يَبيعُه منه برُخصٍ، وهو يَقتضِي جَوازَ شِرائِها مِن غَيرِه؛ لانتِفاءِ المُحاباةِ [459] يُنظر: ((الفروع)) لابن مُفلِح (4/375).

انظر أيضا: