الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الثَّامِنُ: هِبةُ المَجهولِ


تصِحُّ هِبةُ المَجهولِ، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ [240] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (8/6)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (8/176). ، واختِيارُ ابنِ تَيميَّةَ [241] قال ابنُ تَيميَّةَ: (تَنازَعَ العلماءُ في هِبةِ المجهولِ؛ فجَوَّزه مالكٌ، حتى جوَّز أنْ يهَبَ غيرَه ما وَرِثَه مِن فُلانٍ وإنْ لم يَعلَمْ قدْرَه، وإنْ لم يَعلَمْ أثُلُثٌ هو أم رُبعٌ، وكذلك إذا وَهَبَه حِصَّةً مِن دارٍ ولا يَعلَمُ ما هو، وكذلك يجوزُ هِبةُ المعدومِ؛ كأنْ يَهَبَه ثمرَ شَجرِه هذا العامَ أو عَشَرةَ أعوامٍ، ولم يُجوِّزْ ذلك الشافعيُّ، وكذلك المعروفُ في مَذهبِ أبي حَنيفةَ وأحمدَ المنعُ مِن ذلك... ومذهبُ مالكٍ في هذا أرجَحُ). ((مجموع الفتاوى)) (31/270). ، وابنِ القيِّمِ [242] قال ابنُ القيِّمِ: (المعدومُ الذي هو غرَرٌ نُهِيَ عنه للغرَرِ لا للعدَمِ، كما إذا باعَهُ ما تَحمِلُ هذه الأَمَةُ أو هذه الشجرةُ؛ فالمبيعُ لا يُعرَفُ وُجودُه، ولا قدْرُه، ولا صِفتُه... بخِلافِ الوصيَّةِ؛ فإنَّها تَبرُّعٌ محضٌ، فلا غرَرَ في تَعلُّقِها بالموجودِ والمعدومِ، وما يُقدَرُ على تَسليمِه إليه وما لا يُقدَرُ، وطرْدُه الهِبةُ؛ إذ لا مَحذورَ في ذلك فيها، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هِبةُ المُشاعِ المجهولِ في قولِه لصاحبِ كُبَّةِ الشَّعرِ حين أخَذَها مِن المغْنمِ، وسألَهُ أنْ يَهَبَها له، فقال: أمَّا ما كان لي ولِبَني عبدِ المُطَّلِبِ فهو لكَ). ((إعلام الموقعين)) (2/30). ، وابنِ عُثَيمينَ [243] قال ابنُ عُثيمينَ: (قولُه: «المعلوم» خرَجَ به المجهولُ، ولكنَّ هذا غيرُ صحيحٍ؛ فالصحيحُ جَوازُ هِبةِ المجهولِ؛ لأنَّه لا يَترتَّبُ عليه شَيءٌ؛ لأنَّ الموهوبَ له إنْ وَجَدَ الموهوبَ كثيرًا فهو غانمٌ، وإنْ وَجَده قليلًا فلا ضَرَرَ عليه، وهو غانمٌ أيضًا، فلو وهَبَ لشخصٍ حملًا في بطْنٍ صحَّ على القولِ الذي اختَرْناه، وهو صِحَّةُ هِبةِ المجهولِ). ((الشرح الممتع)) (11/66). وقال: (لو أنَّ شخصًا له جمَلٌ شاردٌ، وقال لآخَرَ: وهَبْتُك جَملي الشاردَ، فإنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّه مجهولٌ وغيرُ مَقدورٍ عليه، فلا يصِحُّ، أو قال: وهَبْتُك ما في هذا الكيسِ مِن الدراهمِ، فإنَّه لا يصِحُّ؛ لأنَّه مَجهولٌ، وهذا الذي ذهَبَ إليه المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ هو المذهبُ. والقولُ الثاني -وهو الصوابُ-: أنه يصِحُّ أنْ يَهَبَ المجهولَ). ((الشرح الممتع)) (11/68). ؛ وذلك لأنَّ الهِبةَ عقدُ تُبرُّعٍ، فلا تضُرُّ الجَهالةُ فيها؛ لأنَّها بيْن الغُنمِ والسَّلامةِ [244] ((المغني)) لابن قُدامة (6/47)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/68).

انظر أيضا: