الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الرَّابعَ عَشَرَ: دُخولُ الدِّيَةِ في الوَصيَّةِ


إذا قُتِل المُوصِي وأُخِذتِ الدِّيةُ تدخُلُ الدِّيةُ في الوَصيَّةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [503] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (26/146)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/114). ، والمالِكيَّةِ [504] عندَ المالكيَّةِ أنَّ القتلَ إذا كان عمدًا وحَصَل صُلْحٌ بقَبولِ الدِّيَةِ فلا تدخُلُ الدِّيةُ في الوَصيَّةِ. ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (8/46)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/83)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/264). ، والشَّافعيَّةِ [505] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/3)، ((نهاية المحتاج مع حاشية الشَّبْرامَلِّسي)) (6/55). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/189). ، والحَنابِلةِ [506] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/196)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/372)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/497).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن سعيدِ بنِ المُسيِّبِ: أنَّ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه كان يقول: ((الدِّيَةُ للعاقِلةِ، ولا تَرِثُ المَرأةُ مِن دِيَة زَوجِها شَيئًا؛ حتَّى كَتَب إليه الضَّحَّاكُ بنُ سُفيانَ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَّث امرَأةَ أشيَمَ الضِّبَابِيِّ من دِيَةِ زَوجِها )) [507] أخرجه أبو داودَ (2927)، والترمذيُّ (1415)، والنسائيُّ في ((السنن الكبرى)) (6363)، وابنُ ماجه (2642) واللَّفظُ له، وأحمد (15746). قال الترمذيُّ: (حسَنٌ صحيحٌ)، وقال ابنُ حزمٍ في ((المحلَّى)) (10/475)، وابنُ القَطَّانِ في ((الوهم والإيهام)) (2/409): (منقطِعٌ)، وصحَّحه متَّصِلًا ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (12/117)، وصحَّحه النوويُّ في ((تهذيب الأسماء واللُّغات)) (1/250)، وابنُ حجَرٍ في ((موافقة الخُبْرِ الخَبَرَ)) (1/455)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2642)، وشعيبٌ الأرناؤوط في ((تخريج سنن أبي داود)) (2927)، وقال الوادعيُّ في ((الإلزامات والتتبُّع)) (110): (رجالُه رجالُ الصَّحيحِ، إلَّا أنَّهم قدِ اختَلَفوا في سماعِ سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ رحمه الله مِن عُمرَ، والزُّهْريُّ مُدَلِّسٌ ولم يُصرِّحْ بالتَّحديثِ).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ دِيَةَ المَقتولِ كسائرِ مالِه، تَجوزُ فيه وَصيَّتُه كما تَجوزُ في مالِه [508] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (8/57).
ثانيًا: لأنَّ الدِّيَةَ تجِبُ للمَيتِ بَدَلَ نفْسِه، ونفْسُه له؛ فكذا بَدَلُها [509] ((المغني)) لابن قُدامة (6/241)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/52)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/372).
ثالثًا: لأنَّ دِيَةَ أطرافِه في حالِ حَياتِه له؛ فكذلك دِيَةُ نَفسِه بعدَ مَوتِه؛ ولهذا نَقضِي منها دُيونَه، ويُجهَّزُ منها إنْ كان قبْلَ تَجهيزِه [510] ((المغني)) لابن قُدامة (6/241)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/372).
رابعًا: لأنَّه يَجوزُ أن يَتجدَّدَ له مِلكٌ بعدَ المَوتِ، كمَن نَصَب شَبَكةً فسَقَط فيها صَيدٌ بعدَ مَوتِه؛ فإنَّه يَملِكُه بحَيثُ تُقضَى دُيونُه منه [511] ((المغني)) لابن قُدامة (6/241).

انظر أيضا: