الموسوعة الفقهية

المبحث الخامسُ: مقدارُ الواجِبِ في زكاةِ المعادِنِ


الواجبُ في زكاةِ المعادِنِ رُبُع العُشْرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة قيَّد المالكيَّةُ ذلك بما استُخرِجَ مِنَ المعادِنِ بالكُلفةِ والعَمَلِ والمشقَّةِ، وأمَّا النُّدرةُ منه بغير مشقَّةٍ فهي رِكازٌ، وحُكمُها حُكمُ الرِّكازِ؛ فيها الخُمُسُ، وقد رُوِيَ عن مالك أن النُّدرةَ في المعدِنِ حُكمُها كحُكمِ ما يُتكلَّفُ فيه العمَلُ ممَّا يُستَخرجُ مِنَ المعدِنِ في الرِّكازِ؛ يقول ابن عَبدِ البَرِّ: (والأوَّل تحصيلُ مذهَبِه، وعليه فتوى جمهورِ الفقهاء؛ لأنَّ أصلَ الرِّكازِ ما ارتكزَ في المعدِن ممَّا لا يُنال بكبيرِ عَمَلٍ ولا كُلفةٍ). ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/296). وينظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/102)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/63)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 70). ، والشَّافعيَّةِ على الصَّحيحِ ((المجموع)) للنووي (6/79، 83)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/394). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/223)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/53). ، وهو قولُ الأكثرينَ قال العراقيُّ: (ذهَب الأئمَّةُ الثلاثةُ، والأكثرونَ، إلى أنَّ المعدِنَ لا يدخُل تحت اسم الرِّكازِ، ولا له حُكمُه، واتَّفقوا على الإخراجِ منه في الجملةِ، وأنَّ مَصرِفَ المُخرَجِ منه مَصرِفُ الزَّكاةِ، والمشهورُ من مذاهِبِهم اعتبارُ النِّصَابِ فيه دون الحَوْلِ، ثم اختلفَت تفاصيلُ مذاهِبِهم في ذلك). ((طرح التثريب)) (4/25).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبَارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ )) رواه البخاري (1499)، ومسلم (171)
أَوْجهُ الدَّلالةِ:
الوجهُ الأوَّلُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فرَّقَ بين المعدِنِ والرِّكازِ بواوِ العَطفِ، فصحَّ أنَ الرِّكازَ ليس بمَعدنٍ مِن جِهة الاسمِ، وأنَّهما مختلفانِ في المعنى، فدلَّ ذلك أنَّ الخُمُسَ في الرِّكازِ لا في المَعدِنِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/555)، ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/102)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/59).
الوجه الثاني: أنَّ الرِّكازَ مِنَ الرَّكْزِ، والمعدِنُ ثابتٌ وليس بمركوزٍ، فلم يدخلْ في حُكمِ الرِّكازِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/59).
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (بعَثَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ إلى رَسُولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم بذَهيبةٍ في أديمٍ مقروظٍ لم تُحصَّلْ مِن ترابِها، فقَسَمَها بين أربعةِ نفَرٍ: عُيَينةَ بنِ بَدرٍ, والأقْرَعِ بنِ حابسٍ, وزَيدِ الخيرِ, وذكَر رابعًا, وهو عَلقمةُ بنُ عُلَاثةَ ) رواه البخاري (4351)، ومسلم (1064)
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه دفَعها إلى المؤلَّفةِ قُلوبُهم، وحقُّهم في الزَّكاةِ لا في الخُمُسِ، فتعيَّنَ أن يكون الواجِبُ رُبُعَ العُشْرِ ((المحلى)) (6/111 رقم 700).
ثانيًا: أنَّه حقٌّ يَحرُمُ على أغنياءِ ذَوي القُربى، فكان زكاةً، كالواجِبِ في الأثمانِ التي كانت مملوكةً له ((المغني)) لابن قدامة (3/53، 54).
ثالثًا: أنَّه زكاةٌ، فيجِبُ فيه رُبُع العُشْرِ ((المجموع)) للنووي (6/82).

انظر أيضا: