الموسوعة الفقهية

الفصل الثَّالث: أحكام السِّواك


المبحث الأول: تعريف السِّواك
السِّواكُ: استعمالُ عُودٍ أو نحوِه في الأسنانِ؛ لإذهابِ التغيُّرِ ونَحوِه ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/380)، ((المجموع)) للنووي (1/270)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/71).
المبحث الثاني: حُكم السِّواك
السِّواكُ مَندوبٌ إليه، وهو مِن سُنَنِ الفِطرةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/19). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/380)، وينظر: ((مختصر خليل)) للخرشي (1/138). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/267)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/82). ، والحنابلة ((المبدع)) لابن مفلح (1/67)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/71). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن حزم: (اتَّفقوا أنَّ السِّواكَ لِغَيرِ الصَّائمِ حَسَنٌ). ((مراتب الإجماع)) (165). وقال ابن عبدِ البَرِّ: (فَضلُ السِّواكِ مُجتمَعٌ عليه، لا اختلافَ فيه). ((التمهيد)) (7/200). وقال النوويُّ: (السِّواكُ سُنَّةٌ ليس بواجبٍ في حالٍ مِن الأحوالِ، لا في الصَّلاةِ ولا في غَيرِها، بإجماعِ مَن يُعتَدُّ به في الإجماعِ). ((شرح صحيح مسلم)) (3/142). وقال ابنُ مفلح: (اتَّفَقَ العُلَماءُ على أنَّه سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ؛ لحثِّ الشَّارِعِ، ومواظَبَتِه عليه، وترغيبِه فيه، ونَدبِه إليه). ((المبدع)) (1/67). وقال ابنُ قُدامةَ: (أكثَرُ أهلِ العلمِ يَرَونَ السِّواكَ سُنَّةً غيرَ واجبٍ، ولا نعلَمُ أحدًا قال بوجوبِه إلَّا إسحاقَ وداودَ). ((المغني)) (1/71). وقال النوويُّ: (عن إسحاقَ بنِ راهَوَيهِ أنَّه قال: هو واجِبٌ؛ فإنْ ترَكه عَمدًا بطَلَت صَلاتُه، وقد أنكَرَ أصحابُنا المتأخِّرونَ على الشَّيخ أبي حامد وغيرِه نقْلَ الوُجوبِ عن داود، وقالوا مذهبه: أنَّه سُنَّة كالجماعةِ، ولو صحَّ إيجابُه عن داود لم تضرَّ مخالَفَتُه في انعقادِ الإجماعِ على المختارِ الذي عليه المحقِّقون والأكثرونَ، وأمَّا إسحاق فلم يصحَّ هذا المحكيُّ عنه). ((شرح النووي على مسلم)) (3/142). وقال ابن رجب: (حُكِيَ عن إسحاقَ، أنَّه لو تَرَكه عمدًا أعاد الصَّلاةَ، وقيل: إنَّه لا يَصِحُّ عنه). ((فتح الباري)) (5/375).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لولا أن أشُقَّ على أمَّتي- أو على النَّاس- لأمَرتُهم بالسِّواكِ مع كلِّ صلاةٍ )) رواه البخاري (887) واللفظ له، ومسلم (252). ، وفي روايةٍ: ((ومع كلِّ وُضوءٍ )) رواه البخاري مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا أحمد (10707)، ومالك في ((الموطأ)) (1/66) قال ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (7/194): يدخُلُ في المسنَد لاتِّصالِه من غير ما وجهٍ، وصحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (1/273)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/720)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (5317). وقال ابن حجر في ((النكت)) (1/328): على شرْط البخاريِّ. وأخرجه موصولًا من طريق آخر أحمد (7406)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (3043). صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (13/141)، وأخرجه موصولًا من طريق آخر أحمد (9183)، وثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/226).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ السِّواكَ لو كان واجبًا، لأمرَهم به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، شقَّ أو لم يشُقَّ ((الأم)) للشافعي (1/39).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((السِّواكُ مَطهَرةٌ للفَمِ، مَرْضاةٌ للرَّبِّ )) رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا النَّسائي (5)، وأحمد (6/124) (24969)، حسَّن إسنادَه ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (18/301) وقال: وإن لم يكن بالقويِّ، وصحَّحه المُنذِريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/133)، والنوويُّ في ((المجموع)) (1/267)، وجوده ابن دقيق العيد في ((الإمام)) (1/332)، وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/687): هذا التَّعليق صحيح؛ لأنَّه بصيغة جزم وهو حديث صحيحٌ من غير شكٍّ ولا مِريةٍ، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النَّسائي)) (5).
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها كانت تقولُ: ((إنَّ مِن نِعَمِ اللهِ عليَّ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُوفِّي في بَيتي، وفي يَومِي، وبين سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللهَ جمَع بين رِيقي ورِيقِه عند مَوتِه؛ دخَل عليَّ عبدُ الرَّحمنِ وبِيَدِه السِّواكُ، وأنا مُسنِدةٌ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَأيتُه ينظُرُ إليه، وعَرفتُ أنَّه يُحِبُّ السِّواكَ، فقُلتُ: آخُذُه لك؟ فأشار برأسِه: أنْ نعَمْ، فتناولتُه فاشتدَّ عليه، وقلت: أُلَيِّنُه لك؟ فأشار برأسِه: أنْ نعَمْ، فليَّنْتُه، فأمَرَّه )) رواه البخاريُّ (4449)، واللفظ له ومسلم (2443).
4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا دخَلَ بَيتَه بدأ بالسِّواكِ )) رواه مسلم (253).
5- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عشْرٌ مِن الفِطرة: قصُّ الشَّارِبِ، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبْطِ، وحَلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ )) قال زكريا: قال مُصعب: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المَضمضةَ رواه مسلم (261).
المبحث الثالث: ما يُستاك به
أفضلُ ما يُستاكُ به العُودُ سواءٌ كان من الأراكِ أو الجَريدِ أو غَيرِهما من الأعوادِ، واستحبَّ الجمهورُ عدا الحنابلةِ التسوُّكَ بِعودِ الأراكِ، وأمَّا الحنابلةُ فمَذهبُهم التَّساوي بين جميعِ ما يُستاكُ به. ينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (1/94). وذكَر بعضُ الفُقهاءِ السِّواكَ بالأُصبَعِ والخِرقة، فقال ابن قدامة: (إنِ استاكَ بأُصبَعِه أو خِرقةٍ، فقد قيل: لا يُصيبُ السنَّة؛ لأنَّ الشَّرعَ لم يَرِدْ به، ولا يحصُلُ الإنقاءُ به حصولَه بالعُودِ، والصَّحيحُ: أنَّه يصيبُ بِقَدرِ ما يحصُلُ مِن الإنقاءِ، ولا يُتركُ القليلُ مِن السُّنة للعَجزِ عَن كَثيرِها، والله أعلم). ((المغني)) (1/72). وقال ابن عثيمين: (الصَّحيحُ أنَّه يحصُل أيضًا بالخِرقةِ أو بالأصبَعِ، لكنَّ العُودَ أفضَلُ). ((شرح رياض الصالحين)) (5/226). وممَّا يؤدِّي إلى المقصودِ مِن إزالة التغَيُّرِ فرشاةُ الأسنانِ والمعجون؛ قال ابن عثيمين: (استعمالُ الفُرشاةِ والمعجونِ يُغني عن السِّواكِ) ((الموقع الرسمي لابن عثيمين- مكتبة الفتاوى/ فتاوى نور على الدرب النصية- الطهارة)). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي)) (ص 44)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/115). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/382)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/263). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/282)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/86). ، والحنابلة المذهب عند الحنابلةِ التَّساوي بين جَميعِ ما يُستاكُ به، ولهم قولٌ بتَقديمِ الأراك. قال ابن مفلح: (ظاهِرُه التَّساوي، ويتوجَّه احتمالُ أنَّ الأراكَ أَولى؛ لِفِعلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقاله بعضُ الشافعيَّة، وبعض الأطبَّاء، وإنَّه قياسُ قَولِهم في استحبابِ الفِطرِ على التَّمرِ، وأنَّه أَولى في الفِطرةِ، لفِعلِه، وذكر الأزجيُّ أنَّه لا يُعدَلُ عنه). ((الفروع)) (1/146). وقال المرداويُّ: (التساوي بين جميعِ ما يُستاك به، وهو المذهَبُ، وعليه الأصحابُ). ((الإنصاف)) (1/119)، ((الفروع)) لابن مفلح (1/146).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ اللهِ: ((أنَّه كان يجتني سواكًا من الأراكِ، وكان دقيقَ السَّاقينِ فجَعَلَت الرِّيحُ تَكفَؤُه، فضَحِكَ القَومُ منه، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ممَّ تَضحكونَ؟! قالوا: يا نبيَّ اللهِ، مِن دِقَّةِ ساقَيه. فقال: والذي نَفسي بِيَدِه، لَهما أثقَلُ في الميزانِ مِن أحُدٍ )) أخرجه أحمد (3991) واللفظ له، والطيالسي (353)، والبزار (1827)، حسَّنه وقوَّى سنده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (32/1)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/292): فيه عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجال أحمد رجالُ الصحيح، ووثق رواتَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/287)، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (289): إسناده رجاله رجال الصحيح غيرَ عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (6/39)، وصححه بطُرقه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2750)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (849).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((تُوفِّي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيتي وفي يومِي، وبينَ سَحْري ونَحْري، وكانت إحدانا تُعَوِّذُهُ بدُعاءٍ إذا مَرِضَ، فذهبتُ أُعَوِّذُهُ، فرَفَع رأسَه إلى السَّماءِ، وقال: في الرَّفيقِ الأعْلَى، في الرَّفيقِ الأعْلَى، ومرَّ عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكرٍ، وفي يدِهِ جَريدَةٌ رَطْبةٌ، فنظرَ إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فظَنَنْتُ أنَّ له بها حاجةً، فأخذتُها، فمضَغْتُ رأسَها، ونَفَضْتُها، فدفَعْتُها إليه، فاسْتَنَّ بها كأحسَنِ ما كان مُسْتَنًّا، ثم ناوَلَنِيها، فسقطتْ يدُهُ، أو: سقطتْ مِن يدِهِ، فجمعَ اللهُ بين رِيقي ورِيقهِ في آخِر يومٍ مِنَ الدُّنيا وأوَّلِ يومٍ مِنَ الآخِرةِ )) رواه البخاري (4451) واللفظ له، ومسلم (2443) أوله.
المبحث الرَّابع: الحالات التي يُشرَع فيها السِّواك
المطلب الأول: السِّواكُ للصَّائِم
لا يُكرَهُ للصَّائِمِ استعمالُ السِّواكِ في أيِّ وقتٍ، سواءٌ كان قبل الزَّوالِ أو بعد الزَّوالِ، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/302)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/19). ، وهو قولٌ للشَّافعيِّ قال النوويُّ: (وللشَّافعي قولٌ غريب: أنَّ السِّواكَ لا يُكره في كلِّ صَومٍ، لا قبلَ الزَّوالِ ولا بَعدَه) ((المجموع)) (6/377). ، وروايةٌ عن أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (1/145)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/72). ، وبه قالت طائفةٌ مِن السَّلَف قال ابن المُنذِر: (واختلفوا في السِّواكِ للصَّائم، فرخَّصَ في السِّواكِ للصَّائِمِ بالغُدوة وبالعَشِيِّ النَّخعيُّ، وابنُ سيرين، وعروة بن الزبير، ومالك، وأصحاب الرأي. ورُوِيَت الرخصةُ فيه عن عمر بن الخطاب، وابن عباس, وعائشة) ((الإشراف)) (3/134). ، واختارَه ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (وهو في جميع الأوقاتِ مُستحَبٌّ والأصحُّ ولو للصَّائِمِ بعد الزَّوال). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 10). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (ولا صحَّ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه نهى الصَّائِمَ عن السِّواك أوَّلَ النَّهارِ وآخِرَه، بل قد رُوِيَ خلافُه) ((زاد المعاد)) (2/63). ، والشَّوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (... وهو أيضًا يدلُّ بعُمومِه على استحبابِ السِّواكِ للصَّائِمِ بعد الزوال.. فلا تتمُّ دعوى الكراهةِ إلَّا بدليلٍ يُخصِّص هذا العُمومَ). ((نيل الأوطار)) (1/105). ، وابنُ باز قال ابن باز: (يُشرَعُ استعمالُ السِّواك للصَّائِمِ في أوَّلِ النَّهارِ وآخِره). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/261). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عثيمين: (الراجِحُ أنَّ السِّواكَ سُنَّةٌ حتَّى للصَّائِمِ قبل الزَّوال وبَعدَه). ((الشرح الممتع)) (1/151).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((السِّواكُ مَطهرةٌ للفَمِ، مَرضاةٌ للربِّ )) رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا النَّسائي (5)، وأحمد (6/124) (24969)، حسَّن إسنادَه ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (18/301) وقال: وإن لم يكن بالقويِّ، وصحَّحه المُنذِريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/133)، والنوويُّ في ((المجموع)) (1/267)، وجوده ابن دقيق العيد في ((الإمام)) (1/332)، وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/687): هذا التَّعليق صحيح؛ لأنَّه بصيغة جزم وهو حديث صحيحٌ من غير شكٍّ ولا مِريةٍ، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النَّسائي)) (5).
وجهُ الدَّلالة:
أنَّه إذا كان السِّواكُ مَرضاةً للرَّبِّ؛ فمَرضاةُ اللهِ مَطلوبةٌ دائمًا، وفي كلِّ وقتٍ دُونَ استثناءٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/147). ، وإذا كان مَطهرةً للفَمِ؛ فإنَّه يتأكَّدُ في حقِّ الصَّائِمِ أكثرَ مِن غَيرِه؛ لحاجَتِه إلى تطهيرِ الفَمِ وتَخفيفِ أثَرِ الخُلوفِ؛ وذلك لأنَّ مِن أسبابِ مَشروعيَّةِ السِّواكِ تَطهيرَ الفَمِ ((زاد المعاد)) لابن القيم (4/297).
المطلب الثاني: السِّواكُ عند الوُضوء
الفرع الأوَّل: حُكمُ السِّواكِ عند الوُضوءِ
يُسنُّ السِّواكُ عند الوُضوءِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/4)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/24، 25). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/380)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/263). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/273)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/177). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/118)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/94).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي لأمَرتُهم بالسِّواكِ مع كلِّ وُضوءٍ )) رواه البخاري مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا أحمد (10707)، ومالك في ((الموطأ)) (1/66) قال ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (7/194): يدخُلُ في المسنَد لاتِّصالِه من غير ما وجهٍ، وصحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (1/273)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/720)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (5317). وقال ابن حجر في ((النكت)) (1/328): على شرْط البخاريِّ، وأخرجه موصولًا من طريقٍ آخرَ أحمدُ (7406)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (3043). صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (13/141)، وأخرجه موصولًا من طريق آخر أحمد (9183). ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/226).
الفرع الثَّاني: محلُّ السِّواكِ في الوُضوءِ
محلُّ السِّواكِ في الوُضوءِ، بعد غَسْلِ الكفَّينِ وقبل المَضمضمةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/113). ، والشَّافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/55)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/37). ، والحنابلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/46)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/93).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي لأمرتُهم بالسِّواك مع كلِّ وضوءٍ )) رواه البخاري مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا أحمد (2/460) (10707)، ومالك في ((الموطأ)) (1/66) قال ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (7/194): يدخُلُ في المسنَد لاتِّصالِه من غير ما وجهٍ، وصحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (1/273)، ووثق رواته ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/31)، وصححه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/720)، وقال ابن حجر في ((النكت)) (1/328): على شرْط البخاريِّ، وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5317)، وأخرجه موصولًا من طريق آخر أحمد (7406)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (3043)، صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (13/141)، وأخرجه موصولًا من طريق آخر أحمد (9183)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/226).
وجه الدَّلالة:
قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((مع كلِّ وضوء))؛ فالمعيَّةُ هنا تقتضي المصاحبةَ؛ لأنَّ مَن تسوَّك بعد غَسلِ الكفَّينِ وقَبلَ المَضمضةِ، يَصدُقُ عليه أنَّه تسوَّكَ مع الوضوءِ ولَيسَ قَبلَه ((فيض القدير)) للمناوي (5/339).
ثانيًا: أنَّه أكمَلُ في الإنقاءِ والتَّنظيفِ ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 44).
ثالثًا: أنَّه إذا استاك قبل الوُضوءِ، ثم تمضمَضَ، خرَجَ بالماءِ ما ينثُرُه السِّواكُ ((الذخيرة)) للقرافي (1/285).
المطلب الثَّالث: السِّواكُ عند الصَّلاة
السِّواكُ سُنَّةٌ عند الصَّلاةِ، سواء كانت فرضًا أو نَفلًا، وسواءٌ كان الفم متغيِّرًا أو نظيفًا؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/171)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/381)، ويُقيِّده الكثير من المالكيَّة بصلاة بعُدَت عن الاستياك؛ فلا يستحبُّونَ موالاة السِّواكِ لِمَن استاكَ قريبًا. انظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (1/102)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/139). ، والشَّافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/56)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/180). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/118)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/71). ، وهو قَولٌ عند الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/114). ، واختارَه ابنُ حزمٍ قال ابن حزم: (السِّواكُ مُستحَبٌّ ولو أمكن لكلِّ صلاةٍ لكان أفضل). ((المحلى)) (1/423). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الحطاب: (وقال في الإكمال: لا خلاف أنَّه مشروعٌ عند الوضوء والصَّلاةِ، مُستحَبٌّ فيهما، وأنَّه غيرُ واجب؛ لنَصِّه أنَّه لم يأمُر به، إلَّا ما ذُكِرَ عن داود أنَّه واجِبٌ). ((مواهب الجليل)) (1/381) قال ابن عبدِ البَرِّ: (الصَّلاةُ عند الجميع بعد السِّواكِ أفضَلُ منها قبله). ((التمهيد)) (7/200).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لولا أنْ أشقَّ على المؤمنين- وفي حديث زُهيرٍ: على أمَّتي- لأمرتُهم بالسِّواكِ عند كلِّ صلاةٍ )) رواه البخاري (887)، ومسلم (252) واللفظ له.
ثانيًا: أنَّ العِبادَ مأمورونَ في كلِّ حالةٍ مِن أحوالِ التقرُّبِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ أن يكونوا في حالةِ كمالٍ ونظافةٍ؛ إظهارًا لشَرَفِ العبادةِ ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 48)، ((سبل السلام)) للصنعاني (1/41، 42).
المطلب الرَّابع: السِّواكُ في المَسجِد
لا حرَجَ مِن السِّواكِ في المسجِدِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/219)، وينظر: ((طرح التثريب)) للعراقي (2/129). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/94)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/20، 334). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (أمَّا السِّواك في المسجِدِ، فما علمتُ أحدًا من العلماء كرِهَه، بل الآثارُ تدلُّ على أنَّ السَّلَف كانوا يستاكونَ في المسجِدِ، ويجوز أن يَبصُقَ الرَّجُل في ثيابه في المسجِدِ، ويمتخطَ في ثيابِه باتِّفاق الأئمَّة، وبسنَّةِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الثَّابتة عنه، بل يجوزُ التوضُّؤ في المسجِدِ بلا كراهةٍ عند جمهور العلماء: فإذا جاز الوضوءُ فيه، مع أنَّ الوضوءَ يكون فيه السِّواكُ، وتجوز الصَّلاةُ فيه، والصَّلاةُ يُستاك عندها؛ فكيف يُكرَه السِّواكُ؟ وإذا جاز البُصاقُ والامتخاطُ فيه؛ فكيف يُكرَه السِّواك؟). ((الفتاوى الكبرى)) (1/272). ، وابنُ باز قال ابن باز: (فلا حرَجَ في استعمالِه في المسجِدِ وغَيرِ المسجد). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/39).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لولا أنْ أشقَّ على المؤمنينَ- وفي حديثٍ زُهيرٍ: على أمَّتي- لأمرتُهم بالسِّواكِ عند كلِّ صلاةٍ )) رواه البخاري (887)، ومسلم (252) واللفظ له.
وجه الدَّلالة:
أنَّ (عند) تقتضي الظرفيَّة حقيقةً؛ ففي ذلك إباحةُ السِّواكِ في المسجِدِ الذي تُقامُ فيه الصَّلاة ((عمدة القاري)) للعيني (6/182).
ثانيًا: عدمُ وُجودِ نصٍّ يمنَعُ منه داخِلَ المسجِدِ مع وجودِ الداعي إليه؛ من سُنيَّةِ السِّواكِ عند الصَّلاةِ، وقراءةِ القُرآنِ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى)) (5/109).
المطلب الخامس: السِّواكُ عند ذِكرِ اللهِ وعند قراءةِ القُرآن
يُستحَبُّ السِّواكُ عند ذِكرِ اللهِ وقراءةِ القُرآنِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/114). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/381)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/384). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/273)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/85). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/148)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/102).
الدليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ العَبدَ إذا تَسوَّكَ ثم قام يُصلِّي، قام الملَك خلْفَه، فتسمَّع لقراءَتِه، فيدنو منه- أو كلمةً نحوها- حتَّى يضعَ فاه على فِيه، فما يخرُجُ من فيه شيءٌ مِنَ القرآن إلَّا صار في جوفِ المَلَك؛ فطهِّروا أفواهَكم للقُرآنِ)) رواه البزَّار (2/214) (603) واللفظ له، وابن المبارك في ((الزهد)) (1/435) (1225)، والبيهقي (165). قال البزَّار: لا نعلمه يُروى بإسناد أحسن من هذا الإسناد، وجوَّد إسناده المُنذِريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/135) وقال: لا بأس به، وذكر أنَّ بعضَه رُوِيَ موقوفًا ولعلَّه أشبهُ، وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/51): رجاله رجال الصَّحيح، منهم فُضيل بن سليمان؛ أخرج له الشيخان، وضعَّفه الحفَّاظ، وقال العراقي في ((طرح التثريب)) (2/66): رجاله رجال الصَّحيح، إلَّا أنَّ فيه فُضيلَ بن سليمان النميريَّ؛ وثَّقه ابن حبَّان، وضعَّفه الجمهور، وحسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (215).
المطلب السَّادس: السِّواك يوم الجُمُعة
يُسنُّ السِّواكُ لصلاةِ الجُمُعة قال ابن رشد: (آدابُ الجُمعةِ ثلاثةٌ: الطِّيبُ، والسِّواكُ، واللِّباسُ الحَسَن، ولا خلافَ فيه؛ لورودِ الآثارِ بذلك). ((بداية المجتهد)) (1/166). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/168)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/205). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/ 535)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/166)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 57). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/ 537)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/226)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/454). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/42)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/259)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/203).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((غُسْلُ يومِ الجُمُعةِ على كلِّ محتلِمٍ، وسواكٌ، ويَمَسُّ مِن الطِّيبِ ما قدَر عليه )) رواه البخاري (880)، ومسلم (846) واللفظ له.
2- عن عَمرِو بن سُلَيم الأنصاريِّ، قال: ((أشهَدُ على أبي سعيدٍ قال: أشهَدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأن يَستَنَّ، وأنْ يمَسَّ طِيبًا إنْ وَجَد. قال عمرو: أمَّا الغُسلُ، فأشهَد أنَّه واجِبٌ، وأمَّا الاستنانُ والطِّيبُ، فالله أعلم أواجبٌ هو أم لا )) رواه البخاري (880) واللفظ له، ومسلم (846). وقال ابن رجب: (هذا ممَّا استدلَّ به جُمهورُ العُلَماءِ على أنَّ المرادَ بالوُجوبِ هاهنا: تأكُّدُ الاستحبابِ؛ لأنَّه قرَنَه بما ليس بواجبٍ إجماعًا، وهو الطِّيبُ والسِّواك). ((فتح الباري)) (5/373).
المطلب السَّابع: السِّواكُ عند دُخولِ البَيتِ
يُستحبُّ السِّواكُ عند دُخولِ المَنزلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/24). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/383). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/273)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/56). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/73)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/71).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن شُرَيح قال: ((سألتُ عائشةَ قُلت: بأيِّ شيءٍ كان يبدأُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَل بيتَه؟ قالت: بالسِّواكِ )) رواه مسلم (253).
المطلب الثَّامن: السِّواكُ عند الاستيقاظِ مِن النَّوم
يُستحبُّ السِّواكُ عند الاستيقاظِ مِن النَّومِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/25). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/381)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/285). ، والشَّافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/220)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/39)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/84). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/435)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/71)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/101).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن حُذَيفةَ بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام مِن اللَّيلِ يَشوصُ الشَّوصُ: دَلْكُ الأسنانِ بالسِّواكِ عَرضًا، وقيل هو الغَسلُ، وقيل التَّنقية، وقيل الحَكُّ. ينظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/228)، ((شرح السنة)) للبغوي (1/396)، ((شرح النووي على مسلم)) (3/144). فاه بالسِّواكِ) رواه البخاري (245) واللفظ له، ومسلم (255).
2- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه بات عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذات ليلةٍ، فقام نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِر اللَّيل، فخرج فنَظَرَ في السَّماءِ، ثمَّ تلا هذه الآيةَ في آلِ عمرانَ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حتى بلغ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 190-191] ثمَّ رجع إلى البيتِ فتسَوَّك وتوضَّأ، ثمَّ قام فصلَّى، ثمَّ اضطجَعَ، ثم قام فخرَج فنَظَرَ إلى السَّماءِ، فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسَوَّك فتوضَّأ، ثمَّ قام فصلَّى) رواه مسلم (256).
المطلب التَّاسع: السِّواكُ عند تغيُّرِ الفَم
يُستحَبُّ السِّواكُ عند تغيُّرِ رائحةِ الفَمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/114)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/25). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/171)، ((مواهب الجليل)) (1/381). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/267، 273)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/56). ، والحنابلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/43)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/71).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن حُذَيفةَ بن اليَمان رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام من اللَّيل يَشُوصُ فاه بالسِّواكِ )) رواه البخاري (245) واللفظ له، ومسلم (255).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ عِلَّةَ السِّواكِ عند القيامِ مِن النَّومِ تغيُّرُ رائحةِ الفَمِ؛ فدلَّ على سُنيَّةِ السِّواكِ عند ذلك ((المجموع)) للنووي (1/267)، ((إحكام الأحكام)) (ص: 49).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((السِّواكُ مَطهرةٌ للفَمِ، مرضاةٌ للربِّ )) رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (1934)، ورواه موصولًا النَّسائي (5)، وأحمد (6/124) (24969)، حسَّن إسنادَه ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (18/301) وقال: وإن لم يكن بالقويِّ، وصحَّحه المُنذِريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/133)، والنوويُّ في ((المجموع)) (1/267)، وجوده ابن دقيق العيد في ((الإمام)) (1/332)، وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/687): هذا التَّعليق صحيح؛ لأنَّه بصيغة جزم وهو حديث صحيحٌ من غير شكٍّ ولا مِريةٍ، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النَّسائي)) (5).
وجه الدَّلالة:
أنَّ السِّواكَ سَبَبٌ لطهارةِ الفَمِ، وكلَّما تغيَّرَ الفَمُ واحتاج إلى التَّطهيرِ، كانت مشروعيَّةُ السِّواكِ فيه آكَدَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/154).
المطلب العاشر: السِّواكُ بِحَضرةِ النَّاس
السِّواكُ سُنَّةٌ على كلِّ حالٍ، ولو كان بحضرةِ النَّاسِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/114). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/77)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/231). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/74)، (2/68).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي- أو على النَّاس- لأمرتُهم بالسِّواكِ مع كلِّ صلاةٍ )) رواه البخاري (887) واللفظ له، ومسلم (252).
وجه الدَّلالة:
أنَّ في الحديثِ بِعُمومه دَلالةً على أنَّ السِّواكَ سُنَّة على كلِّ حال، وخاصَّةً عند الصَّلاة، وبما أنَّ الصلواتِ المفروضةَ تُقام في المساجِدِ جماعةً؛ فإنَّ السِّواكَ بِحَضرةِ النَّاسِ وفي المساجدِ؛ مِنَ السُّنَنِ المندوبةِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (60/322).
2- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوَجَدتُه يستنُّ بسِواكٍ بِيَدِه، يقول: أُعْ أُعْ أُعْ أُعْ (بضمِّ الهمزة، وسكون العين): حِكايةٌ لِصَوتِه إذا جعَل السِّواكَ على طرَفِ لِسانِه، والمراد بقوله: كأنَّه يتهوَّعُ: التهوُّع: التقيُّؤُ؛ أي: له صَوتٌ كَصَوتِ المتقيِّئِ. ((فتح الباري)) لابن حجر (1/356)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (60/323). والسِّواكُ في فيه، كأنه يَتَهوَّعُ )) رواه البخاري (244) واللفظ له، ومسلم (254).
وجه الدَّلالة:
 أنَّه مِن بابِ التَّنظيفِ والتطيُّبِ، لا من بابِ إزالةِ القاذورات؛ لكونِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَختَفِ به؛ ولهذا بوَّبوا لهذا الحديثِ: بابُ استياكِ الإمامِ بحَضرةِ رَعيَّته ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 52)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/14)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (60/323).
ثانيًا: أنَّ السِّواكَ مِن بابِ العباداتِ والقُرَبِ التي لا تخفَى، وليس من قَبيلِ ما يُطلَبُ إخفاؤُه ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 52)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (60/324).
ثالثًا: أنَّ المُسلِمَ مأمورٌ في كلِّ حالٍ مِن أحوالِ التقرُّبِ إلى الله تعالى أن يكونَ في حالةِ كَمالٍ ونظافةٍ؛ إظهارًا لشَرَفِ العبادةِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (60/322).
رابعًا: عَدَمُ وجودِ الدَّليلِ الخاصِّ بكراهةِ السِّواكِ بحَضرةِ النَّاسِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/74).
المبحث الخامس: صِفة الاستياك
المطلب الأوَّل: هل السِّواكُ باليَدِ اليُمنى أو اليُسرى؟
الأفضَلُ الاستياكُ باليَدِ اليُمنى، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/114). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/382)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/139)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/124). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/55)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/37). ، وهو قولٌ للحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/148)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/128).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ رِضوانُ اللهِ عليها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه التيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّ ه)) رواه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268).
ثانيًا: أنَّ السِّواكَ عِبادةٌ مَقصودةٌ، تُشرَعُ عند القيامِ إلى الصَّلاةِ، وإنْ لم تكُنْ هناك أوساخٌ لإزالَتِها، وما كان عبادةً مَقصودةً، كان باليَمينِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/109)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/155).
المطلب الثَّاني: البَدءُ بجانِبِ الفَمِ الأيمنِ
يُستحبُّ أن يَبدأَ في الاستياكِ بِجانِبِ فَمِه الأيمنِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/21)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/25). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/382)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/384). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/282)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/55). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/128)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/19).
الدليل مِن السُّنَّةِ:
عمومُ ما جاء عن أمِّ المؤمنين عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، حيث قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه التيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّ ه)) رواه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268).

انظر أيضا: