الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: التطوُّعُ بَينَ الأذانِ والإقامةِ


يُشرَع التطوع بَيْن كلِّ أذانٍ وإقامةٍ وفي صلاة ركعتين قبل المغربِ خلافٌ، وتقدَّم ذكر رُجحان القول بمشروعيتهما.
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بَينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ، ثم قال في الثَّالثة: لِمَن شاءَ قال ابنُ الجوزي: (فإن قيل: فلِمَ خصَّ التطوع بهذا الوقت، وقد علم أنه يجوز في غيره؟ فالجواب: أنه قد يجوز أن يتوهَّم أنَّ الأذان للصلاة يمنع أن يُفعل سوى الصلاة التي أذن لها، فبيَّن جواز التطوع). ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (1/491). )) رواه البخاري (627)، ومسلم (838).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ المراد بالأذانينِ: الأذان والإقامة، وأُطلق عليهما الأذانان تغليبًا، كالقَمرين (الشمس والقمر) والعُمرين (أبي بكر وعمر)؛ فدلَّ بعمومِه على مشروعيَّةِ الصَّلاةِ بين كلِّ أذانٍ وإقامةٍ قال ابنُ رجب: (حديث ابن مُغفَّل يدخل فيه: الصلاة بين الأذان والإقامة في جميعِ الصلوات الخمس...). ((فتح الباري)) (3/535- 537).  وقال أيضًا: (لا اختلافَ أنَّ المراد بالأذانين في الحديث: الأذان والإقامة، وليس المراد الأذانيين المتواليين، وإنْ كانَا مشروعينِ كأذان الفجر إذا تَكرَّر مرتين). ((فتح الباري)) (3/535)، وينظر: ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/97).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((ما مِن صلاةٍ مفروضةٍ إلَّا وبين يديها رَكعتانِ)) [3850] رواه ابن حبان (6/208) (2455)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (13/ 126) (316)، والدارقطني في ((السنن)) (1046) صحَّحه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (232).
3- عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان المؤذِّنُ إذا أذَّن قام ناسٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبتدرون السَّواري، حتى يخرُجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهم كذلِك، يُصلُّونَ الركعتينِ قبل المغربِ، ولم يكُن بين الأذانِ والإقامةِ شيءٌ قال ابنُ رجب: (قوله في آخر الحديث: ((ولم يكُن بين الأذان والإقامة شيءٌ))، فمراده- والله أعلم- لم يكن شيءٌ كثير؛ بدليل رِواية عثمان بن جبلة، وأبي داود الطيالسي، التي ذكرها البخاريُّ تعليقًا: ((ولم يكن بينهما إلَّا قليل)). ((فتح الباري)) (3/528). )) رواه البخاري (625) واللفظ له، ومسلم (837).
4- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا بالمدينةِ، فإذا أذَّن المؤذِّن لصلاةِ المغربِ ابتدروا السَّواري، فركَعوا ركعتينِ، حتى إنَّ الرجُلَ الغريبَ ليدخُل المسجدَ فيَحسَبُ أنَّ الصلاة قد صُلِّيت، مِن كثرةِ مَن يُصلِّيهما )) رواه البخاري (625)، ومسلم (837) واللفظ له.
 ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل ابنُ بطَّالٍ قال ابن بطَّال: (وأمَّا قوله: «بين كلِّ أذانين صلاة»، فإنَّه يُريد بين الأذان والإقامة موضعُ صلاةٍ لِمَن شاء، لا خلاف في ذلك بين العلماء إلَّا المغرب وحدها، فإنَّهم اختلفوا في الركوع قبلها، فأجازه أحمدُ وإسحاق، واحتجَّا بهذا الحديث، وأباه سائرُ الفقهاء). ((شرح صحيح البخاري)) (2/252). ، وابنُ حجرٍ قال ابنُ حَجر: (ولم يَختلفِ العلماء في التطوُّع بين الأذان والإقامة، إلَّا في المغرب). ((فتح الباري)) (2/106). الإجماعَ على سُنيَّة صلاةِ ركعتينِ بين الأذانين إلَّا في المغربِ؛ فإنَّهم اختَلفوا في ذلك.

انظر أيضا: