الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: الأنبياءُ أفضَلُ البَشَرِ

الأنبياءُ هم أفضَلُ البَشَرِ على الإطلاقِ، بدَلالةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ والنَّظَرِ الصَّحيحِ [503] يُنظر: ((مباحث المفاضلة في العقيدة)) لمحمد الشظيفي (ص: 177). .
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال اللهُ سُبحانَه وتعالى: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69] .
فاللهُ قد رَتَّب عبادَه السُّعَداءَ المُنعَمَ عليهم أربَعَ مَراتِبَ، وبدأ بالأعلى منهم، وهم النَّبِيُّون، فالآيةُ نَصٌّ في تفضيلِ الأنبياءِ على البَشَرِ.
وذكر سُبحانَه جملةً مِنَ الأنبياءِ في آياتٍ مِن سُورةِ الأنعامِ، ثم قال في آخِرِها: وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [الأنعام: 86] .
قال السَّعْديُّ: (وَكُلًّا من هؤلاء الأنبياءِ والمُرْسَلين فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ؛ لأنَّ دَرَجاتِ الفَضائِلِ أربَعٌ، وهي التي ذكرها اللهُ بقَولِه: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، فهؤلاء من الدَّرَجةِ العُليا) [504] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 263). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا سُئِلَ عن أشَدِّ النَّاسِ بلاءً، قال: ((الأنبياءُ ثُمَّ الأمثَلُ فالأمثَلُ )) [505] أخرجه مطولًا الترمذي (2398) واللَّفظُ له، وابن ماجه (4023)، وأحمد (1494) باختلافٍ يسيرٍ مِن حَديثِ سعد بن أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2398)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (7/146)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (7/5)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس من الصحيحين)) (377). .
وهذا صريحٌ في أنَّ الأنبياءَ أمثَلُ البَشَرِ.
ثالثًا: الإجماعُ
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (قد اتَّفَق سَلَفُ الأُمَّةِ وأئمَّتُها وسائِرُ أولياءِ اللهِ تعالى على أنَّ الأنبياءَ أفضَلُ من الأولياءِ الذين ليسوا بأنبياءَ) [506] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/221).  .
وقال أيضًا: (الأنبياءُ أفضَلُ الخَلْقِ باتِّفاقِ المُسلِمين، وبَعْدَهم الصِّدِّيقون، والشُّهَداءُ، والصَّالِحونَ) [507] يُنظر: ((منهاج السنة)) (2/417). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (يَكفي في فَضْلِهم وشَرَفِهم أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى اختصَّهم بوَحْيِه، وجعَلَهم أُمَناءَ على رسالتِه، وواسِطةً بينه وبين عبادِه، وخَصَّهم بأنواعِ كراماتِه؛ فمنهم من اتخذه خليلًا، ومنهم من كلَّمه تكليمًا، ومنهم من رفعه مكانًا عليًّا على سائرِهم دَرَجاتٍ، ولم يجعَلْ لعبادِه وصولًا إليه إلَّا من طريقِهم، ولا دخولًا إلى جنَّتِه إلَّا خَلْفَهم، ولم يُكرِمْ أحدًا منهم بكرامةٍ إلَّا على أيديهم؛ فهم أقرَبُ الخَلقِ إليه وسيلةً، وأرفَعُهم عنده درجةً، وأحَبُّهم إليه وأكرمُهم عليه، وبالجُملةِ فخَيرُ الدُّنيا والآخرةِ إنما ناله العبادُ على أيديهم، وبهم عُرِفَ اللهُ، وبهم عُبِدَ وأُطيعَ، وبهم حصَلت محابُّه تعالى في الأرضِ) [508] يُنظر: ((طريق الهجرتين)) (350). .

انظر أيضا: